سكان الجديدة وضيوفها، رجاء ضعوا أقنعتكم فالمدينة تتنفس نتانة!

سكان الجديدة وضيوفها، رجاء ضعوا أقنعتكم فالمدينة تتنفس نتانة!

د. عزيز قشاني
منذ سنوات خلت والروائح الكريهة تضبط إيقاع تنفس كل جديدي وكل زائر للمدينة، ولا أحد من المسؤولين يحرك ساكنا. صحيح أن أغلب السكان تأقلموا مع هاته الروائح مكرهين ومرغمين، في ظل عجزهم عن فعل أي شيء؛ فالأمر يفوق طاقة الأفراد بكثير، ما دام يتعلق بالهواء الخارجي الذي لا مفر من استنشاقه، والذي لا يمكن التحكم في اتجاهه، أو تغيير نسمته. غير أن الشكوى والتذمر يبقيان السبيل الوحيد الذي يهون به العديد من السكان من وطأة التلوث الهوائي والمكاني. والحرج كل الحرج، نحس به إذا ما سألنا ضيف من خارج المدينة عن هذا الأمر، ولو على سبيل الدعابة.
تنقسم الروائح الكريهة التي تزكم الأنوف بمدينة الجديدة إلى نوعين، حسب مصدرها، ثم حسب طبيعة انتشارها. فهناك روائح متمركزة ارتباطا بأماكن معينة من الشارع العام؛ حيث تنبعث من بالوعات مجاري الصرف الصحي، وهي خليط من الروائح التي تصدرها المواد السامة التي تطرحها المصانع الموجودة بالحي الصناعي، وتهم مدخل المدينة الجنوبي وصولا إلى مركزها. ثم هناك الرائحة النتنة المنبعثة من مطرح النفايات، وهي نتاج تخمر المواد العضوية والصناعية التي تتراكم في هذا المطرح بشكل عشوائي، ودون مراعاة لتأثيراتها السلبية على ساكنة الدواوير المجاورة له، ثم على مدينة الجديدة بحكم تواجدها في اتجاه الرياح. هاته الأخيرة تجود على المدينة بأخبث وأكره أنواع العطور المجانية التي تصر على تعكير صفوة جو المدينة، وخصوصا في الليل، أو مع انتشار الضباب.
وهكذا يجد الجديديون أنفسهم محاصرين داخل زنزانات بيوتهم، ومرغمين على إغلاق كل النوافذ تفاديا لولوج الروائح الكريهة إلى منازلهم. وبالتالي، يصبح الحرمان من نسمات الهواء المنعش ورائحة البحر أمرا مفروضا. ويبقى السؤال الأبرز مطروحا دون إجابة؛ إذ يستفسر العديد من السكان عما إذا كان المسؤولون يعانون من نفس المشكل، وما موقفهم منه؟ ألا تزعجهم هاته الروائح فيبحثون عن حلول عملية للتخلص منها، خصوصا أنهم أهل الحل والعقد فيما يخص الشأن العام المحلي؟ أم أن لنا هواؤنا النتن ولهم هواؤهم النقي، لأنهم ذوو السلطة وأصحاب القرار؟