محمد دخاي
يعرف عند الجميع بالتهامي مول القلة ، رجل في العقد السادس من عمره اختار لنفسه أن ينخرط في كل المواسم و المهرجانات ، ليؤثث فضاءات الفروسية كحكم رمزي يقوم بكسر قلته الطينية بعدما يفرغ ماءها على رأسه ابتهاجا بنجاح الطلقة الموحدة التي تحرك المتفرجين ….
أبا التهامي هكذا يسميه محبوه و مريديه ، رجل علت وجهه تجاعيد الزمن ، أضحى معها مشهورا كأحد الذين ملأوا دنيا الخيل و التبوريدة و شغلوا الناس ، رجل بسيط و مركب ، سهل و ممتنع ، فريد و متعدد في العلاقات و في الحديث و في الاهتمامات و في القدرة على تدبير الثابت و المتحول في حياته البسيطة التي جعلت منه أبا للجميع .
ابا التهامي أضحى مطلوبا في كل مدن و قرى الوطن ، يجود عليه الناس بأريحية كبيرة، لأنه ألزم نفسه بمسؤولية هذا الفرح الجماعي , الذي ينسي الناس بعضا من همومهم اليومية كامتداد لالتزام مهني و ثقافي و انساني ايضا يمازح من خلاله الجميع من الكبار و الصغار ، هم يركنون إليه في كل المواسم و المهرجانات ليحددوا على ضوء قلته الطينية التي يقوم بضربها أرضا ، جمالية اللحظة و كيف و ان انفجار البارود ليس للإرهاب او القتل و انما هو للمتعة و للحياة و للإبداع و ليس لشيء اخر …..
ابا التهامي شخصية من لحم و من دم ، يتنفس هواء الوطن و بساطة الحياة ، اختار ان ينتعش بأجواء المحيط الاطلسي صباحا بموسم مولاي عبد الله امغار ، قبل ان يلتحق زوالا بساحات الفروسية من أجل طقوسه التي ينتعش فيها بماء قلته الطينية ، فرمزية الماء كإحالة على الحياة رسالة الى الجميع في زمن شحت فيه الامطار و كثر فيه التبذير ، من اجل تعاقد متين بين ابناء هذا الوطن حفاظا عليه و حماية له ، كما في قصة نرسيس الاسطورية أي ذلك الذي أحب صورته في الماء….
لو قدر لي ان اختار شخصية السنة ، لاخترت أبا التهامي ، لأني ارى في ملامحه جزءا من ذاكرة تضيع كل يوم ، لان مثل هذه النماذج التي تمنحنا مسحتها الانسانية اصبحت في اندثار كبير في زمن الحقد و الكراهية و الحسد و حكايات القتل التي نسمعها يوميا و لأتفه الاسباب، حيث التغول البشري الذي يجعلنا نهرب الى امواج المحيط الاطلسي كل يوم بحثا عن ذاكرة من الزمن الجميل انمحت و بدون سابق اشعار مرت لكنها لن تعود ابدا ….