رسالة مفتوحة إلى ـ سعادة والي جهة سوس ماسة  ـ سعادة عامل إقليم طاطا

رسالة مفتوحة إلى ـ سعادة والي جهة سوس ماسة ـ سعادة عامل إقليم طاطا

عدد :44/2017                                                                                                                 الرباط في: 12 يوليو 2017

الموضوع: بخصوص إسناد منصب مدير إقليمي لوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة بطاطا، وما شاب هذه العملية، من تزوير مكشوف.

                            سلام تام بوجود مولانا الإمام، 

وبعد فعلاقة، بالموضوع المشار إليه أعلاه، وتمشيا مع التعليمات الملكية السامية الهادفة إلى ضرورة تخليق الإدارة، خدمة للمواطنين، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتفعيل مبادئ الحكامة الجيِّدة، ولاسيما الخطاب المولوي الأخير بمناسبة الذكرى 18 لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين، خطاب لا بد من الوقوف عنده طويلا، للتمحيص في الفوضى العارمة، والارتجال الممنهج، لتبخيس عمل المرفق العمومي الوطني، من خلال تهميش الكفاءات القطاعية، والإنعام على من لا تتوفر فيهم لا الشروط  المهنية، ولا التكوينية ولا غيرهما؛ ونظرا للأهمية البالغة التي احتلها هذا الخطاب، نرى أنه لا بد من سرد بعض فقراته، على سبيل المثال لا الحصر، حيث يقول حفظه الله: ..أما الموظفون العموميون، فالعديد منهم لا يتوفرون على ما يكفي من الكفاءة، ولا على الطموح اللازم، ولا تحركهم دائما روح المسؤولية.. إن من بين المشاكل التي تعيق تقدم المغرب، هو ضعف الإدارة العمومية، سواء من حيث الحكامة، أو مستوى النجاعة أو جودة الخدمات، التي تقدمها للمواطنين.. وهو ما ينعكس سلبا على المناطق، التي تعاني من ضعف الاستثمار الخاص، وأحيانا من انعدامه، ومن تدني مردودية القطاع العام، مما يؤثر على ظروف عيش المواطنين.. ولوضع حد لهذا المشكل، فإن العامل والقائد، والمدير والموظف، والمسؤول الجماعي وغيرهم، مطالبون بالعمل، كأطر القطاع الخاص أو أكثر، وبروح المسؤولية وبطريقة تشرف الإدارة، وتعطي نتائج ملموسة، لأنهم مؤتمنون على مصالح الناس.. فعندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون، إلى الواجهة، للاستفادة سياسيا وإعلاميا، من المكاسب المحققة.. أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الإختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه.. وهو ما يجعل المواطنين يشتكون لملك البلاد، من الإدارات والمسؤولين الذين يتماطلون في الرد على مطالبهم، ومعالجة ملفاتهم، ويلتمسون منه التدخل لقضاء أغراضهم.. وأمام هذا الوضع، فمن حق المواطن أن يتساءل: ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانون هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر؟.. وإذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟.. لكل هؤلاء أقول: كفى، واتقوا الله في وطنكم.. إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا.. فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون.. ولكن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، لأن الأمر يتعلق بمصالح الوطن والمواطنين. وأنا أزن كلامي، وأعرف ما أقول.. لأنه نابع من تفكير عميق.. وما معنى المسؤولية، إذا غاب عن صاحبها أبسط شروطها، وهو الإنصات إلى انشغالات المواطنين؟.. وهنا أشدد على ضرورة التطبيق الصارم لمقتضيات الفقرة الثانية، من الفصل الأول من الدستور التي تنص على ربط المسؤولية بالمحاسبة.. لقد حان الوقت للتفعيل الكامل لهذا المبدإ. فكما يطبق القانون على جميع المغاربة، يجب انم يطبق أولا على كل المسؤولين بدون استثناء أو تمييز، وبكافة مناطق المملكة.. إننا في مرحلة جديدة لا فرق فيها بين المسؤول والمواطن في حقوق وواجبات المواطنة، ولا مجال فيها للتهرب من المسؤولية أو الإفلات من العقاب.. إني ألح هنا، على ضرورة التفعيل الكامل والسليم للدستور. كما أؤكد أن الأمر يتعلق بمسؤولية جماعية تهم كل الفاعلين، حكومة وبرلمانا، وأحزابا، وكافة المؤسسات، كل في مجال اختصاصه.. فمثل هذه التصرفات والاختلالات، هي التي تزكي الفكرة السائدة لدى عموم المغاربة، بأن التسابق على المناصب، هو بغرض الاستفادة من الريع، واستغلال السلطة والنفوذ.. إن بعض الأحزاب تعتقد أن عملها يقتصر فقط على عقد مؤتمراتها، واجتماع مكاتبها السياسية ولجانها التنفيذية، أو خلال الحملات الانتخابية.. أما عندما يتعلق الأمر بالتواصل مع المواطنين، وحل مشاكلهم، فلا دور ولا وجود لها. وهذا شيء غير مقبول، من هيآت مهمتها تمثيل وتأطير المواطنين، وخدمة مصالحهم.. ولم يخطر لي على البال، أن يصل الصراع الحزبي، وتصفية الحسابات السياسوية، إلى حد الإضرار بمصالح المواطنين.. فتدبير الشأن العام، ينبغي أن يظل بعيدا عن المصالح الشخصية والحزبية، وعن الخطابات الشعبوية، وعن استعمال بعض المصطلحات الغريبة، التي تسيء للعمل السياسي.. إن تراجع الأحزاب السياسية وممثليها، عن القيام بدورها، عن قصد وسبق إصرار أحيانا، وبسبب انعدام المصداقية والغيرة الوطنية أحيانا أخرى قد زاد من تأزيم الأوضاع.. وعلى كل مسؤول أن يمارس صلاحياته دون انتظار الإذن من أحد. وعوض أن يبرر عجزه بترديد أسطوانة يمنعونني من القيام بعملي، فالأجدر به أن يقدم استقالته، التي لا يمنعه منها أحد.. فالمغرب يجب أن يبقى فوق الجميع، فوق الأحزاب، وفوق الانتخابات، وفوق المناصب الإدارية..؛

 

ونظرا للفضيحة التي عرفتها نتائج تقلد مناصب المسؤولية على مستوى الوزارة، والتي انفجرت بتعيين موظف قادم من جماعية قروية على رأس المديرية الإقليمية بطاطا، موظف بعيد كل البعد عن قطاع الإسكان مَشَاكِلا، وإكراهات، وحلولا، وتطلعات، ورهانات، واقتراحات؛ وذلك على حساب إطار خارج السلم بالوزارة، يتوفر على أزيد من 30 سنة من التجربة الميدانية والممارسة الفعلية، ومشهود له بالكفاءة المهنية؛ وحيث أن اتحاد النقابات المستقلة بالمغرب USAM، والذي تتشرف نقابة سماتوSMASCHU بقيادته، وحيث إنه إضافة إلى هيئات حقوقية، ممثلة في المنتدى المغربي للمواطنة وحقوق الإنسان.. قد دخلت على خط هذه القضية، مستنكرةً الاستهتار واللامبالاة التي عرفها التسيير الإداري، وبالتالي ضربه للتعليمات المولوية السامية، وكل القوانين والضوابط التي تحكم المرافق العامة عرض الحائط؛ وحيث أن تصرفاً من هذا القبيل، بالقدر الذي يمس فيه الكفاءات الوطنية والأطر الإدارية النزيهة، بالقدر الذي يعتبر إهانة لإقليم طاطا، ولجهة سوس ماسة قاطبة مسؤولين ومواطنين، على حد سواء، وذلك من خلال ضرب مبادئ الحكامة الجيدة، وتقريب الإدارة من المواطنين، وسياسة القرب وإنصاف الكفاءات؛ هذا علاوة على أن الشخص الذي استحوذ على هذا المنصب، وبمباركة مسؤولين مركزيين، ليس لديه ما يفيد به قاطرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية في مجال إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، على مستوى جهة سوس ماسة، والتي تعرف حركية ودينامية متميزتين، فبالأحرى أن يشكل قيمة مضافة تنموية على المستوى الجهوي؛ إضافة إلى أن ما يفسر هذه العبثية واللامبالاة، هو كون هذا المدير الإقليمي الحالي الذي لا تربطه بالقطاع أية صلة، وعوض أن ينكب على الأقل على تفحص ودراسة مونوغرافيا الإقليم، ها هو اليوم في رخصة إدارية بعد أيام قلائل من الإنعام عليه بهذا المنصب المهم والحسّاس، لحضور موسم مولاي “بوشتا الخمّار”..

 

وعليه يشرف اتحاد النقابات المستقلة بالمغرب، وفي إطار التطبيق السليم لمقتضيات ومضامين خطاب العرش الأخير، أن يلتمس من سعادتكم، لما يعرف عنكم من جدية وحنكة ورؤيا ثاقبة، إعطاء تعليماتكم، إلى المصلحة المختصة، قصد الوقوف عند هذا الخرق السافر للتعليمات الملكية السامية، وذلك من خلال تفحص الأهلية الإدارية والتقنية، للشخص الذي تم تعيينه مؤخرا، على رأس المديرية الإقليمية لوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة بطاطا؛ وبالتالي اتخاذ القرار الذي ترونه مناسبا تفعيلا للتعليمات الملكية السامية، وخدمة للصالح العام.

 

وفي انتظار ذلك، أرجو أن تتفضلوا، سعادة الولي/العامل المحترم، بقبول أسمى عبارات الاحترام والتقدير.