نحو رؤية مؤطرة للمشهد السياسي بالمغرب

نحو رؤية مؤطرة للمشهد السياسي بالمغرب

منذ استقلال المغرب عرف المشهد السياسي بالمغرب شبه سيطرة مطلقة من طرف الأعيان على أغلب المؤسسات السياسية التشريعية منها و الحكومية و المحلية .. و استمرت هذه النخب في السيطرة على المشهد السياسي و عملت كل ما في وسعها من أجل توريث هذا الامتياز السياسي إلى أبنائها. ساهم في تكرس هذا الوضع السياسي المرتكز على القبيلة والدم والمال نمط الاقتراع باللائحة .. إذ سهل هذا النمط استمرار الأعيان و تمكينهم من تسليم المشعل وإن كان طافئا لأبنائهم في في شهد سياسي صعب وشائك يحتاج منا جميعا إلى مزيد من التحليل و التشريع القانوني .

إن واقعنا السياسي بالمعطيات السابقة التي ساهمت في خلق نفور لدى أغلبية المواطنين وخاصة الشباب منهم من الممارسة السياسية .. هذا النفور أو الإبتعاد عن المشاركة السياسية من طرف المواطنين اتجاه هذا المشهد السياسي الذي لا يريد أن يتململ عن شكله الكلاسيكي التقليدي، وهو مشهد لا يتجاوب و تطلعات الشعب بخصوص قضاياه و همومه لا في العالم القروي (الأرياف أو الجبال) ، و لا في الوسط الحضري (المدينة الحاضرة ) .

إن فكرة اللائحة تكرس فكرة الثنائية القطبية و تضرب عرض الحائط التعددية السياسية .. و نحن واثقون أن فكرة الحزب الواحد في نفس الوقت تشكل خطرا على النسق السياسي بالمغرب و تهدد السلم و الأمن الاجتماعي بالمغرب.

إن استمرار الأعيان في السيطرة على المشهد السياسي و تحكمهم في دواليب الأحزاب و التزكيات و كذا استمرار نمط الاقتراع باللائحة شكل مدخلا أساسيا و أرضية خصبة لتغلغل حزب العدالة و التنمية في المشهد السياسي و بروزه كقوة سياسية رقم واحد في انتخابات 2011 بعد حراك 20 فبراير، واكتساحه لانتخابات 2015/2016.

أمام هذا الوضع السياسي المبني على الأعيان و نمط الاقتراع باللائحة سيبقى الحال كما هو و لن يتغيير شيء .. لان هذا الوضع يبقي الباب مفتوح في وجه حزب العدالة و التنمية من أجل الاستمرار في المرتبة الأولى بالمشهد السياسي بالمغرب .

اليوم بعد مرور 7 سنوات ، فشل حزب العدالة و التنمية في تدبير الشأن العام الوطني و المحلي، و تعرت الصورة الطهرانية و المثالية التي وظفها الحزب باسم الدين عبر الخطابات الطوباوية و الشعبوية .. تلك الخطابات التي تم شحن عقول المواطنين بها في العالم القروي و المدينة من جهة ، واستفادة الحزب من نمط الاقتراع باللائحة و استغلالهم للعزوف عن المشاركة السياسية و العقبة من جعة ثانية ، تمكنوا من حصد المراتب الاولى.

إن فشلهم في تنزيل برامج حقيقية تمس المواطنين في قدرته الشرائية، في الصحة، في السكن، في التعليم، في النقل، في الطرق و المواصلات و البنيات التحتية، في الشأن الثقافي و الرياضي و الفني ، حقيقة لا يمكن ان ينكرها إلى جاهد ، فهذا حزب يسير بدون بوصلة و يعمل بالشعبوية ، إذ لا نكاد نجد له مشروع سياسي يقدم تصورات السياسيات العمومية والقطاعية والجمالية بالمغرب داخلية وخارجيا ، فهذا حزب عبارة عن مجموعة من الأفكار المرتبطة بقراءة دينية خاطئة للكتاب و السنة و أقوال أهل العلم تسلطت على المشهد السياسي ، أفكار استغلت المواطنين بخطابات دينية حماسية وشعبوي .

لكن وللاسف الشديد جميع هذه الخطابات تعرت أمام حقيقة فشلهم الذريع في تحقيق المطالب و في تنزيل مشروع تنموي حقيقي يمس القدرة الشرائية للمواطن و يحقق له الأمن الغذائي و الأمن الاقتصادي و الأمن في الصحة و السكن و التعليم. فما العمل؟

يتطلب منا العمل للخروج من هذا النفق المظلم و إنقاذ الشعب من هذا الاختيار الخاطئ .. لا بد من نمط اقتراع فردي بدل نمط الاقتراع باللائحة .. و لا بد – كما قال جلالة الملك محمد السادس نصره الله في جميع خطبه التي وجهة الحقل الساسي المغربي – نخب سياسية جديدة قادرة على تقديم خطاب صحيح و واقعي لا ينطلق من منطق الأعيان و لا ينبني على الأسطورة الدينية، خطاب ينطلق من الإنسان و المجال .

و هذا هو الخط الثالث الذي اختاره حزب البيئة والتنمية المستدامة.. و استطاع أن ينزل ذلك من خلال تجربته في التدبيرالمحلي في جماعة الحوافات، فلا نحن تبنينا خطاب العدمية و لا خطاب التطرف و الغلو و لا خطاب الخونجة (PJD الإسلامي السياسي)، بل تبنينا خطاب الإنسان و المجال، حاجياته قمنا بتشخيصها و تجميعها في برنامج عمل استطعنا أن ننجز منه 70% في نصف الأول للولاية أي ثلاث سنوات الأولى و بقية 30 % أي 25 مشروع من أصل 80 مشروع من أجل استكمال هذا البرنامج الواقعي الذي انبثق من رحم المجال و الإنسان .

هذا هو مشروعنا في حزب البيئة و التنمية المستدامة و قد قمنا بإنزاله و تحقيقه بشكل ناجح إلى حدود الساعة بنسبة 70 % و نأمل إلى إستكمال 100 % في نصف الولاية المتبقية و نأمل أن يسوق هذا النموذج كحل ثالث لهذه المملكة المغربية العزيزة على قلوبنا حفاظا على وحدة الوطن و دفاعا على المصالح العليا لهذا الوطن الحبيب و دفاعا أيضا على العرش العلوي المجيد.

بقلم الدكتور عيدودي عبدالنبي
رئيس جماعة الحوافات
حزب البيئة والتنمية المستدامة