“…هـــا المعقول !” العدد: 02/2017  بتاريخ 19 يونيو 2017تحت عنوان : “في أكفنا خصلة زيتون ، وعلى أكتافنا همُّ الوطن !”

“…هـــا المعقول !” العدد: 02/2017  بتاريخ 19 يونيو 2017تحت عنوان : “في أكفنا خصلة زيتون ، وعلى أكتافنا همُّ الوطن !”

النقابة المغربية المستقلة لقطاعات البناء و الاسكان و التعمير و التنمية المجالية

في البداية، ومصداقا لحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ” من لا يشكر الناس، لا يشكر الله”،أود أن أتوجه بالشكر الجزيل، لكل الزميلات الفضليات والزملاء الأفاضل، الذين عبروا ـ سواء من خلال رسائلهم العديدة أو مكالماتهم الكثيرة ،أوتعليقاتهم  المتوالدة على صفحات المواقع الاجتماعية ـ عن تضامهم التام والكلي واللا مشروط مع قضيتي، والتي أضحت “قضية وطنية”، والشاهد في ذلك، عشرات الجرائد الإلكترونية، والتي بادرت من دون أدنى تحفظ ـ وعلى مستوى الجهات الإدارية الاثنيْ عشر، بما في ذلك جهة “سوس ـ ماسة”،بإقليمها العزيز طاطا ـ الأرضية الخلفية لـ “مسرح الجريمة الإدارية !” هته ـ إلى نشر ما أصبح يصطلح عليه بـ “بفضيحة نتائج تقلد مناصب المسؤولية، بوزارة الإسكان ومشتقاتها”، وذلك مع دخول جرائد ورقية ـ هذه المرة ـ على الخط ..

والشكر موصول كذلك، لكل الهيئات الحقوقية، والتنظيمات النقابية، والأقلام الحرة، التي عبرت جميعها ،عن تضامنها القوي معي، واستنكارها الشديد اللهجة، للإخراج البليد “للمسرحية/الشوهة” هته، وأعني بها، النتائج المشار إليها أعلاه؛ مؤكدين جميعهم، الاصطفاف جنبا إلى جنب، محاربة لكل أشكال “الريع الإداري”.

إن التضامن الكبير معي، في هذه “القضية/الفضيحة”، والذي عبر عنه ـ ودون استثناء ـ كل المتصلين بعبد ربه، لم يكن غريبا ـ إن لم أقل انه كان منتظرا ـ بحكم حجم ومرارة الظلم، والحكرة، والتهميش، والإقصاء ،التي تجرعها جل شرفاء هذا القطاع، الذي انصهرنا فيه ومعه لعقود عدة، إلى درجة أضحى هو نحن، ونحن هو !:..عقود أفنينا فيها زهرة شبابنا به ،وله ،ومن أجله ؛ولن نقف مكتوفي الأيدي، ونحن نراه يجلد ويغتصب أمام أعيننا.

… شكر خاص، ذلك التي أتقدم به منحنيا بكل احترام وتقدير، إلى المنتدى المغربي للمواطنة وحقوق الإنسان، والذي يشرفني أن أكون عضوا بمكتبه التنفيذى، وكاتبا جهويا له بجهة الدار البيضاء ـ سطات ؛وما أدراك ما جهة الدار البيضاء ـ سطات ،انخراطا وعددا ،ونضالا، وقوة وحضورا، على جميع المستويات والأصعدة: بشرية، واقتصادية، واجتماعية، وسياسية .. إلخ !!! .

نفس الشكر، وبنفس الاحترام، والامتنان والعرفان، أتقدم به إلى نقابتي العظيمة سماتشو ،ومن خلالها إلى كل مكونات اتحاد النقابات المستقلة بالمغرب، والتي نتشرف في نقابتنا بقيادتها، في شخص كاتبنا الوطني المحترم محمد مرفوق .

وبالموازاة مع كل ذلك، أعتذر لزميلات كثيرات، وزملاء كثر (رؤساء ومرؤوسين)، لهم فضل كبير علي، لا يمكن لا للحيز الزمني، ولا المكاني أن يتسع لمكانتهم الكبير والرفيعة في نفسي ،وإن كان قلبي كذلك، لأقول لهم: “إنكم جميعا حاضرون لدي، في كل وحين.. لكن ليست ” كل حين”، التي استعملها أمين حزب “أكبر أقلية !”، وهو يذيل  “رسالته الانبطاحية المشهورة/المرفوعة، بتاريخ 17 مارس 1986 إلى وزير الداخلية الأسبق، إدريس البصري، بالعبارة الذليلة التالية :” الخادم المطيع و الداعي لكم بالصلاح و التوفيق في كل حين”.. فشتان بين “الحينيْن” !

زميلاتي الفضليات، زملائي الأفاضل،

رفيقاتي العزيزات، رفقائي الأعزاء،

من بين الأسئلة العديدة التي وردت علينا ـ في سماتشو ـ من خلال رسائلكم الكريمة:(لماذا “..ها المعقول !”؟ ولماذا تم توقيف “حديث الاثنين” ؟). مبدئيا، “ها المعقول !” عمود لا ولن يختلف عن نظيره “حديث الاثنين”، لا من حيث الخط التحريري/النضالي، ولا من حيث الأهداف والرهانات، بحيث أن كليهما أداتين لمحاربة الفساد وتقويم الاعوجاج، من خلال اقتراح البدائل والحلول الموضوعية ،عن طريق الكلمة الصادقة والجريئة، والتي ترعرعتْ بداخلي منذ الصغر، وأيْنعتْ أيام الشباب، وارْتوتْ “زمن التعطش”، بأفكار تقدمية جانحة نحو الطوباوية.. كانت بداية الثمانينات، حين التحقت بصفوف حزب التقدم والاشتراكية، حينها كان أغلب من يتبجح اليوم بالنضال، ويدعي تشبعه بالأفكار التقدمية ،واستماتته في الدفاع عنها ـ أقول كان وقتا ـ لا تكاد تحمله رجلاه من شدة الخوف، وهو يلمح بطاقة العضوية بالحزب.. وكيف له ذلك؟ والبطاقة تحمل شعارا يتقاذف كحمم البراكين، صوب عيون غشيتها الدهشة والهلع، وكأن أصحابها يُساقون إلى الموت سوقا:شعار يختزل خط الحزب النضالي، في عبارة قوية المغزى والوقع والمعنى ! ” من أجل: إنجاح الثورة الوطنية الديمقراطية ،والسعي نحو الاشتراكية”.

كانت تلك “البطاقة السحرية”، تدفعنا ـ من دون أن نشعر،وحتى من دون أن نفكر ـ إلى الحرص على حضور اللقاءات التأطيرية/التكوينية، وأمعاءنا فارغة، متكبدين عناء السعي ليلا راجلين لأزيد من 14 كيلومتر ذهابا وإيابا ـ لكوننا لم نكن نملك وقتها، حتى ثمن تذكرة الحافلة ـ من حي بوسيجور، إلى مقر الحزب بشارع للا الياقوت،وإن كنا وما زلنا نملك أهم من ذلك: الكرامة وعفة النفس وطهر السريرة.. وسرعان ما كان هذا الحرمان والتعب الماديين يتبددان، وصوت رجالات فكر/ قياديين من طينة المرحوم الرفيق الأممي علي يعتة، تصل إلى مسامع  شباب محروم، يتطلع إلى مغرب بلا فساد، مغرب العدالة الاجتماعية، إلى مغرب يتسع للجميع..

وهي نفس “البطاقة السحرية”، التي كانت تجعلنا ـ بشكل لا إرادي ـ نتسابق إلى الصفوف الأولى من مدرجات كلية الحقوق، علنا نلتحم فكرا وجسدا بأساتذة جهابذة محاضرين، كالرفيق المرحوم نذير يعتة، وشقيقه التوأم  فهد، وأستاذ القانون الدستوري، المحام الفذ، الرفيق خالد الناصري.. مع هؤلاء وغيرهم كثيرـ وعلى رأسهم، المرحوم الرفيق عزيز بلال.. وما أدراك ما عزيز بلال ! ـ تعلمنا المعنى الحقيقي لمصطلح “المعقول”، قولا وفعلا وتجدرا ،عاكسا بشكل عفوي ـ لا يعترف بالقيد الزمني ـ  “الإشعاع الحقيقي ،لهوية الاشتراكية اليسارية السليمة، لحزب التقدم والاشتراكية” .

كانت فترة من الزمن الجميل ولَّتْ من غير رجعة، بعد أن رسخت فينا قيما مثلى، وحبلى بحب الوطن وبحمل هم الوطن.. لأجدني تقدميا بالفطرة، تجري  في مجرى الدم من العروق..

وتتوالى السنون، ويتعين “الرفيق” وزيرا بوزارتنا.. لا أخفيكم سعادتي حينها، إلى درجة أن كل ما عانيته من تهميش وإقصاء، جراء مبادئي ومواقفي الشجاعة، قد تبدد.. تلك المبادئ والمواقف التي وجدتْ ضالتها في نقابتنا العملاقة “سماتشو” بمواقفها الثابتة، واقتراحاتها الصائبة، ونضالاتها الصادقة، ونساءها ورجالتها الأبرارـ “منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا” ـ وتحضرني اللحظة، روح المرحومة “سميرة زهير” و المرحومة”الحاجة بمكتب الضبط”والمرحوم “محمد أرسلان” والمرحوم “محمد الشعيبي “.. نتيجة الحنكة والخبرة والتجربة والحكمة، التي يتمتع بها جل أعضاؤها.. لينطلق “حديث الاثنين” ـ صوت من لا صوت له ـ كاشفا أوجه الفساد بأبعاده الثلاثية، لتتساقط رؤوس الفساد تباعا.. أمام شعارات قوية رفعناها، مؤطرة بلاءات عديدة: ( لا للفساد ،لا للظلم، لا للحكرة، لا للتهميش، لا للإقصاء، لا للزبونية، لا للمحسوبية، لا للرويبدات، لا للحيف، لا للشطط في استعمال السلطة، لا لنهب المال العام.. والقائمة طويلة، طول الفساد نفسه ).

وهكذا، وبمجيء “الرفيق/الوزير”، قررنا داخل سماتشو، كاشفين عن نوايا مد جسور التواصل والإصلاح، مع “الإدارة التقدمية ! ” الجديدة، فاسحين المجال الزمني “للرفيق/الوزير” ،كي يستأنس وفريقه بالقطاع ومشاكله، وأملا في استفادة وزارتنا وعنصرها البشري، من “النسائم التقدمية”.

… وبدعوة من “الرفيق/الوزير” ـ في إطار التواصل مع الفرقاء الاجتماعين داخل الوزارة ـ يعقد اللقاء.. ومباشرة يسود الإقصاء.

أذكر جيدا وقتها، كيف تحدثنا إلى “الرفيق/الوزير” بقلوب مفتوحة، وأصوات صادقة مبحوحة، حيث سلمته حين تدخلي ـ يدا ليد ـ نسخة من رسالة إدارية تضم أزيد من 125 مرفقة ـ إن كانت ذاكرتي تسعفني ـ في موضوع ” رسالة مفتوحة إلى الرفيق الذي بداخل الوزير”.. وهي الرسالة ـ التي صرح وقتها، أنه لا علم له بها.. وهي نفس الرسالة التي لم نلق بشأنها أي رد، حتى الآن  ورغم توالي السنون.. والمهم من كل هذا وذاك، هو أنني حينما عبرت في مداخلتي أمامه حينها، بأن الفساد قد تفشى داخل القطاع؛ وفي تعقيب معاليه علي، وهو ينسلخ من جبة الرفيق ـ التي أعرفها جيدا ـ ليجيب رافضا أن يكون القطاع يعاني من الفساد..

.. وهو رأي يحترم، إذا نظرنا إليه من زاوية “الوزير الذي يلتهم الرفيق” !!!

وعقب هذا الاجتماع مباشرة ،عقدنا داخل سماتشو اجتماعا تقييميا، للقاء بدا لنا جميعا أنه غير مجد، بل ولا داعي لحضوره ثانية.. لقد كان لقاء أولا وأخيرا مع “الوزير” الذي غيب “الرفيق” !

ومع ذلك، ووعيا منا بجيوب فساد الفريق السابق، قررنا منح “الرفيق” فرصة كافية، للثأر من “الوزير” !

..حوالي 5 سنوات عجاف ! وملف اجتماعي صلد وجاف ! وتقلد لمناصب المسؤولية بشكل غير شفاف ! وتكالب على موظفين بسطاء، أصحاب الدراجات النارية، مكسوري الأجنة والأكتاف ! ولواء للمحسوبية والزبونية ، في فضاء الوزارة ـ بلا خجل وحياء ـ رفراف ! وامتيازات تغدق بها الجمعية على “منعم عليهم” بالآلاف ! والقائمة طويلة وعريضة “بزاف” !

حوالي 5 سنوات من السلم الاجتماعي ـ إن لم أقل “الذل الاجتماعي”، إلى درجة الانبطاح، ونتائج سلبية خاصة في مجال تدبير الموارد البشرية.. فلا رئيس ولا مرؤوس ارتاح!.. لنجد أنفسنا مضطرين لدق ناقوس الخطر،وملقنين ـ في ذات الوقت ـ لذوي “أسنان الحليب الإداري”،بهذه الوزارة العملاقة ـ التي نغار عليها من هبات النسيم العليل ـ دروسا حول الدور الكبير الذي يلعبه العنصر البشري، كنواة صلبة، ورافعة بشرية رئيسة، في إنجاح ونجاح أي مشروع وأي برنامج، كيفما كان نوعه ومجال تطبيقه.

…ومع ذلك، ها نحن نمد أيدينا ـ مرة أخرى وفي أكفنا غصن زيتون، وعلى أكتافنا همُّ الوطن ـ كقوة اقتراحية، تؤمن بالحوار الجاد، وتضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار،دون التخلي عن المطالب العادلة والمشروعة، لأطر وموظفي ومستخدمي، وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة.. وأنا أهم بختم هذا المقال، لابد من تذكير “صاحبنا” ـ بطل المقال الأول من هذا العمود ـ بأنه “في أعيننا” ،مذكرين أنفسنا وإياه، بضرورة اغتنام العشر الأواخر من رمضان، عل الله يكفر عنا سيئاتنا، مع العلم أن شهادة الزور، والتزوير في نتائج تقلد مناصب المسؤولية مثلا، تظل من أكبر الكبائر، مصداقا لقوله عز وجل:”فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور” (30 سورة الحج)؛ ومصدقا لقول رسول الله، عليه أفضل الصلاة والسلام: ” ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟”ـ كررها (ص) ثلاث مرات ـ قلنا : بلى يا رسول الله، قال : الإشراك بالله، وعقوق الوالدين”، وكان متكئا فجلس فقال: “ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور“، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.

أستودعكم الله، الذي لا تضيع ودائعه، بآيتين كريمتين من سورة غافر، علنا نرجع عن غينا جميعا.”يَوْمَ هُم بَارِزُونَ ۖ لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ۚ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِۚ الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ” ( 16 و17 سورة غافر)

هكذا هو قلمي في وجه الفساد مسلولْ.. ولسان حاله يردد، دوما وعلنا: “هـا المعقولْ!”

إمضاء : متصرف مؤمن بقضية  ذ. محمد أنين

 

 

من أجل الاتصال مع نقابة سماتشو: Tél: 62 64 04 61 06 ـ  24 70 57 37 05

Fax: 05 37 57 70 24 –  Email: smaschu@gmail.com

المقر: كتابة الدولة في السكنى وسياسة المدينة، مدخل D، رقم 9، الطابق الأول، حي الرياض ـ الرباط