رتبي في “الديستي” مزيف بجهاز لاسلكي وأصفاد.. دوخ بصفته “الصحافية” المسؤولين بالجديدة !

رتبي في “الديستي” مزيف بجهاز لاسلكي وأصفاد.. دوخ بصفته “الصحافية” المسؤولين بالجديدة !

دكالةميديا24 – أحمد مصباح
—————————–1428348532

أدانت الغرفة الجنحية بابتدائية الجديدة “مراسلا صحافيا” ب8 سنوات حبسا نافذا، على خلفية تورطه في 5 مساطر قضائية تتعلق، حسب تكييف الضابطة القضائية، ب:
* 1/ النصب والاحتيال بإيجاد وظيفة عمومية، مقابل مبلغ بقيمة 41500 درهم، وانتحال صفة رتبي (gradé) في جهاز ال”ديستي”؛
* 2/ النصب والاحتيال على متقاض بنشر قضيته في الصحافة، مقابل مبلغ 7000 درهم.
* 3/ النصب والاحتيال على متقاعد في “الفوسفاط” بإيهامه بخلق فرع شركة خليجية، مقابل مبلغ مليون و400 درهم.
* 4/ النصب والاحتيال على متقاض للحصول على حكم قضائي، والتوسط له في الحصول على رخصة مقلع للرمال، مقابل مبلغ مالي بقيمة 410000 درهم.
* 5/ التهديد على فاعل حقوقي آزر ضحايا في مواجهة النصاب.

وتنشر “ادكالةميديا24” تباعا وقائع النازلات الإجرامية، التي ضمنها القسم القضائي الثالث بالمصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، في مساطر قضائية، أنجزها استنادا إلى تعليمات وكيل الملك المرفقة بالشكايات المرجعية.

*1/ النازلة الأولى:
حسب الثابت من التصريحات المضمنة في محاضر الاستماع القانونية أمام الضابطة القضائية، فإن المسماة (ح.) كانت تعرفت على المدعو (أ. ص.)، مطلع شهر نونبر 2014، في الشارع العام بعاصمة دكالة، بعد أن أبدى إعجابه بها، وقدم لها نفسه بكونه يبقى رتبيا (gradé) في جهاز الاستخبارات المغربية المعروفة اختصارا ب “الديستي”. وقد سلمته رقم هاتفها النقال. ومنذ ذلك الحين، أصبح يهاتفها باستمرار للاطمئنان عليها وعلى أسرتها. وبعد أن بدأت علاقتهما تتوطد، أصبحا يلتقيان في مقاهي ومطاعم المدينة.
وحصل ذات مرة أن كان شاب يعاكس ابنتها القاصر المسماة (ك.). إذ كان ينتظرها عند باب منزلها. ما حدا بها إلى شكايته إلى صديقها (أ. ص.)، “المسؤول الكبير في المخابرات”. وقد حضر الأخير بحوزته أصفادا وجهازا لاسلكيا خاصا بالشرطة. ووجه اللوم إلى الشاب الذي كان يتحرش بالفتاة القاصر. ومنذ ذلك الحين، كف المراهق عن معاكسة الأخيرة.
وقد زاد من ثقتها بصديقها تدخله لتخليص بنتها من التحرش الجنسي. وبعد توطد علاقتهما، قام (أ. ص.) بخطبة صديقته (ح.)، بحضور ابنتها (ك.) وشقيقتها المسماة (ف.). ومن ثمة بات يتردد على منزلها، إلى أن اقترح على شقيقتها (ف.) التوسط لها لتوظيفها في إحدى الإدارات العمومية بمدينة آسفي أو مكناس، مقابل مبلغ مالي بقيمة 35000 درهم. وفعلا تسلم منها المبلغ على دفعتين، الأولى بقيمة 15000 درهم، والثانية بقيمة 20000 درهم.
و مطلع شهر دجنبر من السنة الفارطة، اتصل “الخطيب” (أ. ص.) بخطيبته (ح.)، وأشعرها أنه وقع ضحية حادثة سير، وطلب منها مده بمبلغ 7000 درهم، إلى حين تسوية مشكله، ويعيد لها ما بذمته من دين. وبحسن نية، عمدت “الخطيبة” إلى جمع مبلغ 4500 درهم، اقترضته من عند بعض معارفها، وسلمته إياه.
وبعد مرور حوالي شهر، وتزامنا مع إعلان مباراة سلك القوات المساعدة، اقترح مجددا على “خطيبته” التوسط لابنتها (ك.)، في الولوج إلى هذه الوظيفة. وطلب منها مبلغ 5000 درهم. إلا أنها أشعرته بعدم مقدرتها على توفير المبلغ المطلوب. إلا أنه ألح عليها بمنحه ما تستطيع توفيره، مدعيا لها أنه سيتكلف شخصيا بإيجاد ما تبقى من المبلغ المالي، معتبرا ابنتها بمثابة ابنته. وبالفعل، أعطته المبلغ على دفعتين، الأولى بقيمة 1500 درهم، والثانية بقيمة 500 درهم. وبغية سلبها مزيدا من المال، هاتفها شخص تجهله، وقدم لها نفسه باعتباره “وكيل الملك”، وأطلعها أن “خطيبها” (أ. ص.) وقع في ورطة بارتكابه حادثة سير مميتة. إذ يتعين عليها دفع مبلغ حدده في 3000 درهم أو 4000 درهم، حسب استطاعتها. وقد أخبرته أنها لا تتوفر على أي مبلغ مالي.
وبمرور الأيام، وحلول الموعد المحدد لتوظيف شقيقتها (ف.)، وجراء عدم وفاء “خطيبها” (أ. ص.)، “المسؤول الاستخباراتي الكبير”، بوعده، شكت في أمره. وعمدت بالتالي إلى تعقب خطواته، والبحث عن حقيقة أمره، لتكون المفاجأة صادمة، بعد أن اكتشفت أنها وشقيقتها وابنتها كن ضحايا عمليات نصب واحتيال، وأن أمر “خطبتها” لم يكن إلا وسيلة مدبرة لبلوغ مبتغاه، وسلبهن أموالهن. كما أنه أوقعهن في الغلط لكسب ثقتهن، بانتحاله صفة رتبي في جهاز ال”ديستي”، وهي الصفة التي ينظمها القانون، وينص على شروط اكتسابها.
وعند حضوره إلى مقر أمن الجديدة، بعد أن استدعته الضابطة القضائية عدة مرات، أودعته الضابطة القضائية ممثلة في العميد السابق ب”بي إن بي جي”، بتعليمات نيابية، تحت تدابير الحراسة النظرية، لمدة 48 ساعة، تم تمديدها ب24 ساعة. وأنكر المتهم، عند إخضاعه للبحث، الأفعال المنسوبة إليه من قبل ضحاياه.
وقد ادعى أنه أصيب بوعكة صحية طارئة. ما استدعى إحالته على قسم المستعجلات بالمركز الاستشفائي الإقليمي بالجديدة. وبعد استراحته من نوبة الهستيرية التي ألمت به، أعادته الشرطة إلى مقر المصلحة الأمنية. وقد تظاهر بخوض إضراب عن الطعام، غير أن عدم مقاومته للجوع، جعلته يتلذذ بطبق غذاء شهي، وفره له أمن الجديدة.
هذا، وقد انهار المتهم ولم يجد بدا من الاعتراف بالأفعال الإجرامية المنسوبة إليه، بعد أن واجهه المحققون بالرسائل النصية القصيرة المخزنة في ذاكرة هاتف الضحية (ح.)، والتي كان يبعث بها إليها من هاتفه المحمول.

*2/ النازلة الثانية:
حسب الثابت من التصريحات المضمنة في محاضر الاستماع القانونية، فإن والد المسمى (عبد الله) تعرض للاعتداء من قبل 3 أشخاص. وقد ارتأى نشر قضية والده في وسائل الإعلام، من أجل التعريف بها للرأي العام، حتى لا ينحرف البحث فيها عن مساره القانوني، وحتى ينال المعتدون جزاءهم.
وقد تعرف (عبد الله) على المسمى (أ. ص.)، عن طريق المدعو (يوسف). وطلب نشر قضيته على أعمدة موقع إلكتروني. الأمر الذي أبدى له (أ. ص.) استجابته، لكن مقابل مبلغ مالي حدده في 2000 درهم. غير أن الأخير أخبر (عبد الله) في ما بعد، أن المبلغ الذي سلمه إياه، أعطاه ل”الضابطة القضائية للدرك الملكي” المكلفة بالبحث. وطالبه من ثمة بمبلغ إضافي قدره 5000 درهم، أفاد بشأنه أنه سيسلمه ل”وكيل الملك”.
وعندما لم يتحقق أي شيء من وعود (أ. ص.)، طلب منه (عبد الله) أن يعيد إليه نقوده. وقد تمكن الأخير من استرجاع مبلغ 4000 درهم. فيما ظل باقي المبلغ بذمة “المراسل الصحافي”.
وعزز (عبد الله) تصريحاته أمام الضابطة القضائية، بشهادة المسمى (يوسف)، الذي جاءت إفادته في محضر استماعه قانوني، مطابقة لتصريحات الضحية.

*3/ النازلة الثالثة:
حسب الثابت من المسطرة الجنحية التي أنجزها القسم الثالث بالمصلحة الإقليمية للشرطة القضائية، فإن (أ. ص.) وعد المسمى (محمد)، وهو مستخدم متقاعد بالمكتب الشريف للفوسفاط، بإنشاء فرع لشركة خليجية تريد الاستثمار في المغرب. وقد تسلم منه شيكا موقعا على بياض. وظل يطالبه تحت عدة أسباب وتبريرات، بمبالغ مالية إضافية. وكان يهدده بتقديم الشيك إلى شركة وهمية، ادعى أنه يشغل (أ. ص.) منصب مديرها الإداري والمالي، ومكلف فيها عن البحث عن الصفقات العمومية، بغاية عرضه على النيابة العامة. وقد ظل يبتزه إلى أن حصل على مبلغ إجمالي بقيمة مليون و40000 درهم.
وعند الاستماع إليه، أفاد (أ. ص.) أن المبالغ المالية التي كان يتلقاها من (محمد)، كانت مقابل تنقلاته في البحث عن الصفقات، وكذا، مقابل أجره عن منصب المدير الإداري والمالي للشركة (الوهمية)، والتي صرح أنه قدم استقالته منها، بعد اكتشافه لعدم قانونية وجاهزيتها.
وقد عجز عن إعطاء أي توضيحات بشأن الوثائق والمستندات المرفقة بالشكاية المرجعية، التي أحيلت بتعليمات نيابية، على الضابطة القضائية.
واسترسالا في البحث، انتقل المحققون إلى منزل (أ. ص.)، حيث أجروا، بعد موافقته كتابة وبحضوره الفعلي، تفتيشا وفق مقتضيات قانون المسطرة الجنائية. ما أسفر عن ضبط مجوعة من الوثائق ذات صلة بالمسمى (محمد)، ناهيك عن وثائق تخص شخصا آخر يدعى (بنشيهب)، جرى حجزها لفائدة البحث. كما انتقلوا بمعية (أ. ص.) إلى محل معد للإبحار عبر شبكة الإنترنيت، حيث تم حجز وحدة مركزية تخصه، كان وضعها في المحل الثاني، المستهدف بالتفتيش، بغية إصلاحها.
وانتقل كذلك المحققون بمعية (أ. ص.) إلى شركة خاصة لكراء السيارات، حيث ربطوا الاتصال بصاحبها، الذي أفاد بشأن مرافقهم، أنه اعتاد كراء سيارة خفيفة من نوع “فورد فوكيس”، لمدد تتراوح بين شهر و6 أشهر. وكان يعيدها لمدة قصيرة إلى الوكالة، ثم يكتريها مجددا. وأضاف مسؤول الشركة أن الزبون (أ. ص.) مازال بذمته مبلغ 50000 درهم، لم يسددها بعد.
وبعد محاصرة (أ. ص.) بالحجج والأدلة الدامغة، انهار واعترف بكونه نصب على (محمد)، بعد أن ادعى له أنه سيجعل منه عميلا لشركة أجنبية. ما مكنه من سلبه مبالغ مالية مهمة. وكانت وسيلة احتياله هي إرسال رسائل إلكترونية إلى الضحية، يزعم أنها صادرة عن الشركة التي كان يشغل منصب مديرها الإداري والمالي، والتي لم تكن سوى شركة تجارية وهمية.

*4/ النازلة الرابعة:
استدعت الضابطة القضائية إلى مصلحة الشرطة القضائية المسمى (يوسف)، الذي وجدت وثائقه في منزل (أ. ص.). حيث أفاد، عند الاستماع إليه في محضر قانوني، أن الأخير كان عرضه للنصب والاحتيال. وكان وعده بمساعدته في الحصول على حكم قضائي، في دعوى حول نزاع عقاري معروض على المحكمة. ناهيك عن التوسط لدى جهات مسؤولة، بغية تمكينه من رخصة استغلال مقلع للرمال. ومقابل خدماته هذه، تسلم مبالغ مالية متفاوتة، بلغت قيمتها الإجمالية 410000 درهم.
وبشأن وثائق الضحية التي عثر عليها بحوزة (أ. ص.)، أدلى بشأنها (يوسف) توضيحات. كما وضع رهن إشارة الضابطة القضائية 43 وصلا لتحويل أموال كان قد أرسلها إلى النصاب، عبر وكالات مالية.
وإثر مواجهته بوصولات الحوالات البريدية، لم يجد (أ. ص.) بدا من التراجع عن إنكاره، والاعتراف بكونه عرض خصمه (يوسف) للنصب، مستعملا وسائل احتيال متمثلة في الادعاء بكونه يحظى بعلاقات مع شخصيات نافذة، ستساعده في الحصول على حكم قضائي لفائدته، في الدعوى المدنية المقامة، وكذا، الحصول على رخصة استغلال مقلع للرمال.
هذا، وقد أدانت الغرفة الجنحية بابتدائية الجديدة المتهم، “المراسل صحافي” لجريدة حزبية وطنية، في ملفين منفصلين، على التوالي ب3 سنوات و5 سنوات حبسا نافذا، من أجل “النصب والاحتيال، والابتزاز، وخيانة الأمانة”، وبأداء تعويض مدني بقيمة 60000 درهم ل”الخطيبة”، و10000 درهم للضحية الثاني، ومليون و500000 درهم للضحيتين الثالث والرابع.

وبالمناسبة،فقد حظيت هذه النازلات الإجرامية التي تورط فيها “المراسل الصحافي” (أ. ص.)، باهتمام الرأي العام، والمتتبعين للشأن القضائي والأمني، والفعاليات الحقوقية والجمعوية، بالنظر إلى:
* أولا: طبيعة الأفعال الإجرامية الجسيمة التي ارتكبها المتهم، بعد أن خطط لها بدهاء وإحكام، والتي صدرت بشأنها أحكام رادعة، اعتمدت فيها الهيئة القضائية ظروف التشديد؛
* ثانيا: طبيعة المتهم الخطير من العيار الثقيل، الذي كان يحمل صفة “مراسل صحفي”، جلبت له احترام وتقدير المسؤولين. حيث إن بعضهم كان يتعامل معه مباشرة، وحتى في المكاتب، ويتواصل معه بواسطة الوسائل الإلكترونية. وكان ينفرد ب”السبق” في نشر الأخبار و”الصور” جد الخاصة والحساسة، قبل أن تحال المساطر القضائية على النيابة العامة المختصة، وترفع عنها سرية البحث، التي نصت عليها المادة 15 من قانون المسطرة الجنائية.
* ثالثا: المصالح الشرطية كانت أحالت، وإلى أمد قريب، “ربيب” المتهم (أ. ص.)، ابن زوجته، وهو بالمناسبة شاب راشد، على النيابة العامة المختصة، في إطار مساطر جنحية تلبسية.. ليعانق سماء الحرية.
هذا، ولم يكلف أي مسؤول نفسه عناء الهبش في سيرة المتهم، هذه الشخصية العامة والمعروفة لدى الجميع، وفي سلوكاته وتصرفاته، ونمط حياته وعيشه الذي يتناقض كليا مع حالة العطالة التي كان عليها، سيما أن المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة كانت أحالته، سنة 1998، على ابتدائية الجديدة، على خلفية جنحة النصب، أدانته من أجلها ب5 سنوات حبسا نافذا.
ولولا جرأة الضحايا الذين بلغ عددهم لحد الساعة 4 ضحايا، على رفع شكايات في حق رتبي “الديستي” المزيف، ولو لا المسطرة القضائية “المغيزة” التي أنجزها العميد السابق ب”بي إن بي جي”، لظل “المسؤول الاستخباراتي” من العيار الثقيل، والذي يحظى بعلاقاته المتميزة، وباحترام وتقدير المسؤولين، (لظل) “فوق كل الشبهات”، وحرا طليقا يجول على متن عربة “فورد فوكيس” التي كان يكتريها من وكالة خاصة، إلى حين إيقافه، دون أداء سومة كرائها، التي بلغت قيمتها 50000 درهم.
هذا، ويتعين الالتزام بالضوابط المهنية، والتقيد بأحكام “مدونة قواعد السلوك الخاصة بموظفي الأمن الوطني”، وبواجب التحفظ، وبالشرف والنزاهة.. والابتعاد عن الشبهات.