جلالة الملك يؤكد أن التعاون جنوب-جنوب وتنمية إفريقيا يكتسيان أهمية بالغة وآنية في أفق جعل القارة في صميم الاهتمامات الجيوسياسيةِ الدولية الكبرى

جلالة الملك يؤكد أن التعاون جنوب-جنوب وتنمية إفريقيا يكتسيان أهمية بالغة وآنية في أفق جعل القارة في صميم الاهتمامات الجيوسياسيةِ الدولية الكبرى

الكاتب: مولاي الشريف
التعاون جنوب- جنوب وتنمية إفريقيا يكتسيان أهمية بالغة وآنية في أفق جعل القارة في صميم الاهتمامات الجيوسياسيةِ الدولية الكبرى
أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس أن موضوع التعاون جنوب-جنوب وتنمية إفريقيا، يكتسي أهمية بالغة وآنية، ويعكس الطموح الذي يحدونا جميعا، لجعل القارة في صميم الاهتمامات الجيوسياسيةِ الدولية الكبرى.
وأضاف جلالة الملك في الرسالة التي وجهها إلى المشاركين في منتدى كرانس مونتانا المنعقد بالداخلة تحت الرعاية السامية لجلالته من 12 إلى 14 مار س الجاري، إنه “لا بد للتعاون جنوب-جنوب أن يأخذ بعين الاعتبار، المعطيات الجديدة التي أتى بها القرن الواحد والعشرون، ويساير التوجهاتِ الكبرى التي أفرزتها العولمة، بكل تجلياتها”.

وقال صاحب الجلالة “ما فتئنا ندعو إلى تعاون فعال ومتضامن، من خلال التوظيف الأمثل للفرص التي يتيحها التعاون الثلاثي، سواء على المستوى الإقليمي، أو مع دول الشمال، شريطة أن ينخرط هذا التوجه ضمن مقاربة مبنية على الاحترام المتبادل والتوازن، ومراعاة مصالح كل الأطراف”.

وأكد جلالته أن المملكة المغربية، التي جعلت من التعاون جنوب-جنوب ركيزة من ركائز سياستها الخارجية، تعمل كذلك على تطوير شراكات مثمرة، عبر انفتاحها بالقدر المطلوب، مع شركائها في كل من أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا، مسجلا أن ذلك بالضبط، “هو نموذج الشراكة متعددة الأبعاد، القائمة على تعبئة العديد من الأطراف، الذي يتوجب علينا المثابرة من أجل النهوض به، لتحقيق المزيد من الرخاء والنماء في إفريقيا”.

وأشار جلالة الملك ، في هذا السياق ، إلى أن القارة الإفريقية “هي التي دفعت أكثر من غيرها الثمن غاليا، خلال فترة الاستعمار، وإِبان الحرب الباردة، ولا زالت تعاني، للأسف الشديد، من آثارهما إلى يومنا هذا”، مبرزا أن “الحدود التي ورثتها بلدان القارة عن المستعمرِ، لا تزال تشكل، في الكثير من الأحيان، البؤر الرئيسية للعديد من الاضطرابات والنزاعات”. ودعا جلالته أبناء إفريقيا إلى ابتكار “السبل الكفيلة بتحويلها إلى فضاءات مفتوحة للتلاقي والتبادل المثمر، بين المجتمعات الإفريقية”.

وأكد جلالة الملك أن القارة الإفريقية تخترقها “خطوط متعددة للتصدع الاقتصادي والسياسي والثقافي، تتسبب في اندلاعِ جملة من الأزمات متعددة الأشكال، في حين أن تعدد وتنوع ثرواتها البشرية والطبيعية الهائلة، يجدر بهما أن يكونا، على العكس من ذلك، أفضل حافز على الاندماجِ والتكامل بين مكوناتها المجالية، الشيء الذي سيسهم في محو آثار التجزئة التي تعرضت لها القارة وعانت منها، إبان الاستعمار، وذلك ما كان يعمل على إذكاء التوترات السياسية والعرقية، خلال تلك الفترة”.

وسجل جلالة الملك أن القارة الإفريقية تواجه علاوة على ذلك، “وضعا أمنيا هشا ومتفاقما”، حيث إن العديد من المناطق الإفريقية، أضحت تعيش اليوم، تحت تهديد أخطار جديدة وعابرة للحدود، مثل الإرهابِ والجريمة المنظمة، والاتجار في المخدرات، والاتجار في البشر، والتطرفِ الديني”، مضيفا أن كل هذه التحديات الكبرى، “تتطلب منا ردا جماعيا، وتدعونا للتفكير سويا، والتشاور بشأن الإشكالية الأمنية”.

ومن جانب آخر ذكر جلالة الملك بأن “إفريقيا اليوم، هي أيضا القارة التي تتوفر، أكثر من غيرها، على مؤهلات متعددة الأبعاد، تتيح آمال العالم في غد أفضل، مما يبعث على التفاؤل، ويغذي طموحاتنا وآمالنا المشتركة”.

وسجل جلالة الملك أن نسبة النمو الاقتصادي في إفريقيا، هي الأعلى منذ سنة 2000، بينما ارتفع حجم مبادلات القارة التجارية مع بقية العالم بأكثر من 200 في المائة خلال نفس الفترة”، مشيرا إلى أن عدد سكان القارة سيبلغ ملياري نسمة بحلول سنة 2050، “الشيء الذي سيمكنها من توظيف هذا الرصيد الديموغرافي الهائل، خاصة الشباب، لتعزيز موقعها على الخريطة الاقتصادية للعالم”.

وأكد جلالة الملك أن القارة الإفريقية تتوفر على أكبر رصيد من الثروات الطبيعية، التي يتعين استثمارها لخدمة التنمية البشرية المستدامة لساكنتها، مضيفا أن القارة تتعزز فيها، يوما بعد يوم، الديموقراطية والحكامة الجيدة ، مذكرا بأن إفريقيا “توجد اليوم، في مرحلة مفصلية من تاريخها، وتحتاج لوضع استراتيجيات وأدوات وآليات مبتكرة لدعم مسيرتها نحو التقدم”.

ولتحقيق هذا الهدف ، يقول جلالة الملك، “لا بد لإفريقيا أن تتحرر، بصفة نهائية، من قيود الفترة الاستعمارية من ماضيها، وتنظر بكل عزم، نحو المستقبل، وأن تتحلى بالمزيد من الثقة بنفسها وبقدراتها الذاتية”، كما “يتعين على إفريقيا، أن تعمل على بلورة ودعم شراكات تعود بالنفعِ على جميع الأطراف؛ وعلى الرفعِ من حصتها في خلق القيمة على الصعيد الدولي؛ والدفع بالاندماج الاقتصادي الإقليمي إلى الأمام، وخلق فضاءات مشتركة للرخاء، تضمن حرية تنقل الأشخاصِ والسلع” ، مسجلا جلالته أن “إفريقيا في حاجة إلى الاستثمار على نطاق واسع في بنياتها التحتية، وتحسين ظروف عيش مواطنيها”.

ومن جهة أخرى شدد جلالة الملك على أن “إفريقيا في أمس الحاجة إلى موارد طاقية لإنجاح جهودها التنموية. وفي هذا المجال بالذات، تتوفر القارة على موارد هائلة للطاقة المتجددة، التي ينبغي تعبئتها لتحقيق التنمية المستدامة”، مبرزا ، في هذا الصدد، أن فكرة تطوير مشروعٍ خاص بالطاقات المتجددة تستمد وجاهتها، بالنظر للفرص الغنية التي تتيحها إفريقيا الأطلسية، في مجالي الطاقة الريحية والشمسية”.

وشدد جلالة الملك على “ضرورة تعبئة آليات التعاون البينيِ الإفريقي، فقد علمتنا دروس التاريخِ، أن الترابط والتكافل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، هو شرط أساسي لتحقيق الإقلاع”، مؤكدا أن “المغرب يدرك تمام الإدراك، أن أي جهود معزولة لتحقيق التنمية، مآلها الفشل”.

لا بد للتعاون جنوب-جنوب أن يأخذ بعين الاعتبار، المعطيات الجديدة التي أتى بها القرن الواحد والعشرون، ويساير التوجهاتِ الكبرى التي أفرزتها العولمة، بكل تجلياتها .

مملكتنا .م.ش.س