قرارات ارتجالية تربك حسابات مواطنين و تشعل اسعار تذاكر الرحلات الجوية

قرارات ارتجالية تربك حسابات مواطنين و تشعل اسعار تذاكر الرحلات الجوية

أثار قرار التعليق المفاجئ للرحلات الجوية بين المغرب وفرنسا، حالة غضب عارم وارتباك كبير، في صفوف المواطنين المغاربة المعنيين بهذه الرحلات (عمال، طلبة، مرضى، سياح..) خاصة وأن القرار، لم يمنح مهلة كافية للمسافرين من أجل ترتيب أمورهم، وامتصاص تداعيات هذا القرار المتسرع. مما سيتسبب في إلغاء الكثير من الرحلات، بما يعني تعطيل الكثير من المواعيد والمشاغل والأغراض. وبالتالي إلحاق الكثير من الأضرار بمصالح هؤلاء المواطنين.
وقد حدد منتصف ليلة الجمعة السبت، كآخر موعد للرحلات الجوية المسموح بها في اتجاه فرنسا. وهو ما أحدث تهافتا كبيرا على مواقع شركات النقل على الأنترنت من طرف المسافرين، الذين ستلغى رحلاتهم بموجب هذا القرار، من أجل اقتناء تذاكر بديلة تخص الرحلات الجوية المتوجهة نحو باقي البلدان الأوروبية، التي لم يشملها الإغلاق بعد. وذلك بهدف الإلتحاق منها بوجهتهم نحو فرنسا. رغبة في عدم تفويت مواعيدهم ومشاغلهم وأعمالهم المختلفة. مما ألهب أسعار الرحلات الجوية قريبة الموعد، لدى كل شركات النقل الجوي. كان أفدحها أسعار الخطوط الجوية الملكية المغربية RAM، التي عودتنا على انتهاز مثل هذه الفرص ببشاعة وبدون حس مواطن..!
غير أن من العبث، أنه لم تمر سوى أقل من ست ساعات على هذا القرار المتسرع، وبعدما قام أكثر المسافرين الذين تسبب في إلغاء رحلاتهم نحو فرنسا. باقتناء تذاكر أخرى للسفر نحو بلدان أوربية مجاورة لفرنسا لم يشملها الإغلاق بعد، وبأسعار ملتهبة. حتى تم إبطاله، وتعويضه بقرار تمديد الرحلات المسموح بها نحو فرنسا، إلى غاية منتصف ليلة الأحد الإثنينن.
‏وقد كانت هذه الست ساعات الفاصلة بين القرارين المتسرعين الإرتجاليين، وحدها كافية لإلحاق خسائر فادحة بجيوب مواطنينا المسافرين نحو فرنسا. الذين تحولوا إلى غنائم تعبث بها شركات النقل الجوي، وعلى رأسها شركتنا “الوطنية” يا حسرة. ناهيك عن التسبب لهم في حالة اضطراب وارتباك وتوتر وقلق بالغ، أثر سلبا على اللحظات التي كانوا يقضون مع أسرهم.
‏ومما زاد الطين بلة، هو أن بعض شركات النقل التي كانت قد سارعت بعد صدور القرار الأول، إلى إلغاء رحلاتها، ظل قرارها ساري المفعول، حتى بعد صدور القرار الثاني، الذي أخر التعليق لمدة 48 ساعة. مما حرم مواطنين كثرا من الاستفادة من رحلات السبت والأحد. التي رغم أنها أصبحت غير مشمولة بقرار التعليق، إلا أن شركات النقل سبق أن قامت بإلغائها بناء على القرار الأول.
ولعمري أن مثل هذا التخبط والعشوائية والإرتجال، لا ينم سوى عن غياب بعد النظر وانعدام الروية والتأني لدى مسؤولينا، وتغييب مصالح المواطنين في كل ما يخبطونه من قرارات متسرعة غير ناضجة.
إن من غريب الأمور في هذا البلد “السعيد”، أن الحكومة اعتادت على اتخاذ قراراتها المؤلمة هذه، بنوع من اللامبالاة التامة. ومن دون أن تهتم بالتداعيات الكارثية لذلك، ومن دون أن تتدخل للتخفيف من وطأتها على المواطنين.
ويتذكر الجميع ما أحدثه قرار متسرع مماثل سابق للحكومة، يتعلق بحذر التنقل بين المدن، بسبب تفاقم انتشار الوباء، من دون منح مهلة كافية للمواطنين بالعودة الآمنة السليمة إلى مدنهم وقراهم، ما أحدثه من كوارث وخسائر بشرية ومادية فادحة، بسبب حدوث ضغط عارم من طرف المواطنين على استعمال طرق المواصلات، بسبب الإسراع والتهافت على العودة إلى مدنهم قبل انتهاء المهلة المحددة المحدودة. مما تسبب في عدد لا حصر له من حوادث السير القاتلة.
‏إن ما يثير أكثر من تساؤل في نازلة اليوم، هو سبب قيام الحكومة بإصدار قرارها المتسرع الأول، من دون أن تمنح مهلة معقولة للمواطنين لترتيب أسفارهم. ثم بعد ذلك سبب تراجعها عنه بعد أقل من ست ساعات، وإصدار قرار جديد، يحدد موعدا آخر للتعليق. من دون أن تقدم تبريرا منطقيا لذلك. ومن دون أن تتحمل ما ترتب عنه من خسائر فادحة لحقت بالمواطنين المسافرين في اتجاه فرنسا.
‏ إن مسؤولينا بدفعهم المواطنين إلى مثل هذه الدوامة من الإرتباك والقلق والخسائر، يبدو كما لو أنهم متواطئين مع شركات النقل الجوي، وعلى رأسها لارام RAM. بالنظر إلى أنه ليس هناك من مستفيد من هذه القرارات العشوائية الإرتجالية وتداعياتها غير شركات النقل الجوي. وهم بمثل هذا الإرتباك عبروا عن مستوى احتقارهم لمواطنينا القاطنين بالخارج، واعتبارهم فقط مصدرا مُدرا للعملة الصعبة.

عن صفحة مختار عويدي بتصرف العنوان.