قراءة في ساكن ” لالة مليكة “

قراءة في ساكن ” لالة مليكة “

 عبد الرحيم شراد استاذ باحث 

حتى لا يجنح بنا الخيال في عوالم الغيبيات، أصرح منذ البداية أن لالة مليكة ليست جنية . إن لالة مليكة هي زوجة السلطان العلوي المولى محمد بن عبدالرحمان ( 1810-1873) . والدها هو الشاعر محمد بن إدريس العمراوي . الذي تولى الحجابة ثم الوزارة على عهد السلطان المولى عبدالرحمان بن هشام . أما أخوها فهو إدريس بن محمد بن العمراوي كان كاتبا و مبعوثا لزوج أخته السلطان محمد بن عبدالرحمان بفرنسا . أشير هنا إلى أن إدريس بن محمد العمراوي قد ألف كتابا تحت عنوان ” تحفة الملك العزيز في مملكة باريس ” . و لهذا نجد في عيطة العمراوية عبارة تتردد ” جدكم شريف و عزيز جات اخباره في باريز ” و هنا لا بد أن أوضح أن الصواب في هذه العبارة هو ” جدكم شريف جاب للعزيز ( أي للسلطان ) اخباره في باريز ” .
إن ساكن لالة مليكة هو عبارة عن غناء جاء على لسان إحدى خادمات لالة مليكة ( في بيت أبيها ) و هذه الخادمة امرأة أرملة . كانت ترتب البيت هي و ابنتها استعدادا لعادة دأبت عليها لالة مليكة و هي زيارة بيت أهلها في اليوم السابع من عيد المولد النبوي الشريف . تقول كلمات الساكن .. ” مليكة مشات و جات .. ادات سمية جابت جوجات ” . أي كان إسمها ” مليكة العمراوية ” و عندما تزوجت بالسلطان أصبح يقال لها كذلك ” مليكة العلوية ” .. ” انت الحاجة مليكة .. مليكة بنت الملوك .. ها عمراوة جاو يزوروك ” أي أن الكل سيأتي للترحيب بمقدمها . و ستكون ليلة زاهرة ، فيها الطرب و الغناء .. ” الليلة ليلة جيلالة .. مالين القصبة و الطارة ..” . إن الخادمة تحث ابنتها على مساعدتها في ترتيب البيت .. ” عَيْشَك بنتي انت خدمي و أنا نخدم .. قليل النية دابا يندم .. مليكة جايا في سبوع الميلود .. جيبي الجاوي جيبي العُودْ ..” إن هذه الخادمة تترقب حضورة “لالة مليكة ” بفرحة كبيرة لأن أفضال لالة مليكة عليها كثيرة فهي أرملة و لها أبناء لا معيل لهم إلا مليكة .. ” هي اللي معاها خدامة .. هي اللي مربية ليتامى .. ” . و إن فعل الخير و التكفل بالأيتام كان معروفا على لالة مليكة .. ” حسَّك في الجبال ينادي .. عاري عليك عار أولادي .. العفو لله يا مليكة ” .. إن لالة مليكة لم تترك محتاجا إلا و أعطته من مالها .. ” مليكة مولات التاج .. اللي زارها ما يحتاج ” .. فقد اعتادت عندما تزور بيت أهلها أن تجلس كل يوم على كرسي يليق بمقامها كزوجة سلطان و في كل يوم تغير لباسها و تأمر بالبخور في مجلسها لكي تستقبل المحتاجين و تغدق عليهم من المال .. ” هي اللي مبدلة لكساوي .. هي اللي مبخرة بالجاوي .. هي اللي جالسة في الكرسي .. هي اللي بخيرها كَ تكْسِي .. ” . إننا عندما نضع ” الساكن ” تحت مجهر البحث و الدراسة الأكاديمية مستعينين بالمعارف نستطيع أن نبين الحقائق و نقطع الطريق على تأويلات المشعوذين و الدجالين الذين يكرسون الجهل و ينشرون الأباطيل . بقصد تكبيل عقول العامة من الناس . تحياتي للأصدقاء و الصديقات . ” مبروك عواشركم جميعا ” . ( عبدالرحيم شراد )