اصدارات: القاضية الأديبة و الشاعرة سناء راكيع تصدر روايتها “الشمس لا تعرف الظلام”

اصدارات: القاضية الأديبة و الشاعرة سناء راكيع تصدر روايتها “الشمس لا تعرف الظلام”

ما تزال السماء ترسل نورها الوضاء الى الأرض منيرة طريق التألق و التميز في مجال البحث و التأليف نثرا و شعرا للأستاذة القاضية الروائية و الشاعرة “سناء راكيع” لتنزل برواية في طبعتها الأولى كثمرة بحث و تاليف ينضاف الى الدوانين  الشعرييين  اللذين صدرا  لها سابقا س عنونتهما ب”ذرية الكلمات” سنة 2019 ثم “مجرد وقت” سنة 2021  , و تعد هذه الرواية أول تجاربها السردية .

من الرواية 

«أخيرا حطت قدماي بمدينة الأفكار الخفية، فنزلت بفندق صغير، وضعت أغراضي ورتبتها بشكل مؤقت بغرفة أنيقة، ومنذ هذا الليل المتأخر الذي بدأ يلامس ساعات الصباح الأولى، و الأول بعيدا عن أسرتي بمسافة كبيرة ، أحسست أنني سأعيش بنفسيتين وعقليتين و بمنطقين ، منطق القرب و البعد ، منطق السفر و الاستقرار ، و شعرت يقينا أنني سأبدأ رحلة اللاهوية و اللاستقرار ، رحلة يختلط فيها الحلو بالمر ، فالاغتراب لا يعني أن ترحل إلى ديار ما وراء البحار ، الاغتراب في أساسه ، أن تحمل كل أحاسيسك و انفعالاتك إلى حدود جغرافية بعيدة عن حدود و لادتك و جذورك و عن وجوه آنست رؤيتها ، و أماكن اعتدت زيارتها أو المرور منها ، فتتشكل بينك و بينها علاقات حب ضمنية و حنين صنعته الأيام و السنون». (مقطع من الرواية) 

مقطع آخر من الرواية تحت عنوان :ما أوسع دائرة الأنس والهناء !
يحدث كثيرا في حياتك، أن تقسو عليك الأيام، وتضرب كل آمالك عرض الحائط، وقد يحدث أيضا أن يلين وينشرح صدرك بأخبار سمعتها، أو حكايات عشتها أو نجاحات حققتها، فحتما يقال : دوام الحال من المحال، كيفما كانت وضعية الإنسان وموقعه بالحياة، فنحن قد نملك مناصب اجتماعية و مهنية و مالية، لكنا لا نملك حتما رسوم تخطيط قلب خاص بكل فرد، أو لون دم ، أو عدد أعضاء جسم مختلفة عن الآخر، فنحن سواسية أمام الآهات و الأزمات، أمام قوة الحاضر وقسوة الذكريات.

فلا نملك إلا أن نردد، يا رب لا تجعل أيامنا تقسو علينا دون رحمة، اجعلها تتذكر السرور و الحنين، و لا تستحضر أيام الحزن و الأنين، التوسل و الرجاء يستجاب أكيد ، فبعد مرور شهر على رجوع أختي إلى الدار البيضاء ، سيطل علينا و الدا صديقتي اللذان كانا متقاعدين لأجل الاطمئنان عليها والتعرف على صديقتها الجديدة في العمل .

و كالعادة، التحقنا معا بمحطة القطار لاصطحابهما ، و كانت لهفتي قوية لرؤيتهما ، فبمجرد وصولهما و تبادل السلام، بدت على محياهما إشارات الارتياح ونظرات الاطمئنان ، فمنذ
الوهلة الأولى رأيت ذلك على تقاسيم وجهيهما ، و هو ما دفعني لتعزيز تعاملي معهما اللطيف ، وزاد من انشراحهما وجودي بينهم .

فليس من السهل التداخل و الترابط السريع بين أشخاص و نفوس لا تربط بينهم علاقة قرابة و صلة دم ، لأجل ذلك ، مكث والداها أربعة أيام ، انقضت في الجولات و التنزه ، و أنا وسطهم أحسست أنني جزء منهم ، و أن أبويها هما والداي دون تفرقة و تمييز، و لمحت معنى وجود الأب و الأم في الزمان و المكان نفسيهما و تجمعهما الجدران عينها ، لأنني بكل بساطة لم أعهد هذا الجو الأسري المقترن بوجود الوالدين معا ، بالنظر لانفصال أمي و أبي منذ أن كان عمري خمس سنوات فأكملت عيشي بين أحضان أمي و إخوتي ، و أكمل والدي العيش في أحضان أسرة جديدة .

شعر والدا فيروز بفرحة عارمة ، عندما لمسا صدقي و بساطتي في الحياة ، و فهما جيدا أنني ملأت فراغ ابنتهما ، و أن الأفضل أن لا تبقى منفردة .

فهيهات هيهات بين الوحدة و العشرة ؛ فالأولى تفرض عليك بحكم الأقدار ، و الأخيرة بمحض إرادتك تختار ، و حينما يبتسم لك القدر، فإنك تعثر على من تصاحب من الأخيار فأن تجد شخصا أنيق العشرة و الأفكار، فحتما ، ستعرف نعيم العشرة و الاستقرار.

يتبع بالرواية