العنف بالسجون المغربية : الأسباب و التداعيات

العنف بالسجون المغربية : الأسباب و التداعيات

بقلم الأستاذ : حسن الخلفي *

تنامت مؤخرا ظاهرة العنف داخل السجون المغربية بشكل غير مسبوق كان آخرها الاعتداء الشنيع الذي راح ضحيته موظف بسجن تولال 2 وبقراءتنا للظروف المحيطة والمسببة لهذا الحادث بغية فهم دقيق للواقع داخل أسوار السجون وبعيدا عن بعض الأصوات التي تنصب نفسها وصية على حقوق السجين دون امتلاكها لمعطيات ودراية كافية بالوسط السجني نظرا لامتزاجها بأصوات تمتلك نزعة انتقامية بداخلها أو أنهم يعانون من خلل نفسي يجعلهم يتعاطفون مع الأشرار تساهم في نشر وعي حقوقي مغلوط. تترجم إلى معاناة يحملها موظفو السجون بصفة خاصة وتعمق من جراحهم ويمكن استنتاج عدة نقاط أهما : إن الاعتداءات المتزايدة على حراس السجون دليل واضح على فشل المقاربة الأمنية والإدماجية التي تنهجها المندوبية العامة لإدارة السجون لإصلاح المؤسسة السجنية.
ان السجناء قد سحبوا من المؤسسات السجنية مفتاح السيطرة وضبط سلوكاتهم العنيفة فيما بينهم. وبالتالي سيادة قواعد واملاءات المجرمين المصنفين خطر داخل السجون ومحاولة إخضاع الموظفين لها من خلال الاعتداءات المتكررة عليهم . عدم قدرة المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج عند محاولة إصلاح المنظومة السجنية التوفيق بين تطبيق قانون 98-23 وتوجه المملكة في إقرار احترامها لاتفاقيات حقوق الإنسان خصوصا مع الجدل القائم حول التجميد العملي لتطبيق عقوبة الإعدام.

وقد استغربت بعض الجمعيات المختصة في حقوق الإنسان بأوربا عند زيارتها لأحد السجون المغربية عند وقوفها على الشكل الذي يعتمد في إدارة عملية زيارة أهل السجناء بقاعة الزيارة واختلاطهم بالسجناء بشكل يجعل من الصعوبة التفريق بين السجين والزائر مما يسهل عملية الفرار هدا الاستغراب لقي ترحيبا من لدن القائمين على الشأن السجني وتم تفسيره على أنه صورة للإدماج الحقيقي للسجناء في حين اعتبره شخصيا استغراب من رداءة الإدارة وضعف الحس الأمني الاستباقي داخل المؤسسات السجنية، عدم امتلاكها لآليات صارمة في التعامل مع السجناء الخطرين للحد من اعتداءاتهم على السجناء الآخرين والموظفين. ذلك أن السجين الذي راح ضحيته هدا الموظف سبق له أن قتل موظف في السجن المركزي بالقنيطرة وتسبب في عاهات خطيرة لآخرين وقتله لرجل امن وامرأة ومحاولات منه للفرار .

ورغم ذلك سمحت له الإدارة بالتجول في ساحات السجن بدون قيد في يديه واختلاطه أحيانا بالسجناء الآخرين بعد انبطاحها للأصوات القائلة بإزالة القيود من يديه معتبرة أن في ذلك معاملة قاسية ومهينة دون الأخذ بالحسبان خطورته على الموظفين مع وجود ملف الحالة الجنائية لدى الإدارة وتوفرها على ما يفيد أن القاتل له عقدة نفسية تجاه الشرطة وحراس السجن والتوعد بقتلهم إن سنحت له الفرصة هذا التساهل أو التقصير في تطبيق القانون المنظم للسجون من قبل الإدارة يؤدي ثمنه الموظف.

فيكفي جعل هذا الأخير يعيش كوابيس وخوف دائم من قاتل يجول بينهم ويتوعدم بالقتل. لكن سياسة بعد المدراء ورؤساء المعاقل بتكليف الموظفين الجدد بحراسة مثل هؤلاء المجرمين دون التوفر على معدات الحماية والدفاع عن أنفسهم يجعلهم يتحملون قسطا من مسؤولية الحادث.

إذا كان المغرب يؤكد دوما على الالتزام الراسخ بالمبادئ الكونية لحقوق الإنسان وعلى رأسها حق الحياة وتعليق تطبيق عقوبة الإعدام فحياة مواطن صالح أولى بهذه الحماية ممن تتعالى الأصوات بحمايتهم من تطبيق عقوبة الإعدام نحن لسنا ضد تحسين وضعية السجون لكن كنا ولا زلنا ننادي بتوفير فضاء يمكن الموظف من الاشتغال في ظروف تليق بكرامته وبوسائل تتناسب مع طبيعة عمله . فهل هناك أ

صعب من هذه الوظيفة التي كتب لهم القدر أن يمتهنونها.

*محام بهيئة الجديدة
قائد سجن سابق بالمندوبية العامة لإدارة السجون