ندوة الحداثة الشعبية تعاقد الحاضر مع المستقبل  اقتصاد التراث والتنمية الترابية نموذج سهل الغرب

ندوة الحداثة الشعبية تعاقد الحاضر مع المستقبل اقتصاد التراث والتنمية الترابية نموذج سهل الغرب

الدكتور عبد الله صدقي : باحث في إعداد التراب والتنمية الترابية

مقدمة
موضوع مداخلتنا يتناول كيفية استثمار التراث في تحقيق التنمية المجالية ، إن الإلمام بهدا الموضوع يقتضي معالجته من زاويتين ما دام أنه يتكون من شقين . التنمية الترابية تم التراث كمادة وكركيزة للتأهيل الترابي ، .وذلك انطلاقا من سهل الغرب ، وهي منطقة غنية بتراثها الثقافي والفني بل والحضاري والطبيعي أيضا . غير أن موضوعنا هذا سوف لن نقتصر فيه على استعراض بعض ما يزخر به هذا السهل من تراث ، بل الغاية من هذه المداخلة هو معرفة ‘لى أي حد تم توظيف التراث الغرباوي الحسناوي في تحقيق ما تطمح إليه ساكنة المنطقة من تنمية ترابية ؟ وعلى هذا الأساس سنتناول هذا الموضوع انطلاقا من المحاور التالية :
تقديم سهل الغرب كمجال
تعريف التنمية الترابية
تعريف التراث
مظاهر التراث المادي واللامادي بسهل الغرب مع ابراز كيفية التعامل مع بعض النماذج من هذا التراث
خاتمة

سهل الغرب : مجال يزخر بتراث متعدد الألوان
* يزخر سهل الغرب بالكثير من ألوان التراث ، بعضها يرتبط بعدد من الفنون الشعبية ، والبعض الآخر بمجموعة من المآثر التاريخية التي تعود إلى العهد الروماني ، وكدا موارده الطبيعية المتنوعة . وفي نفس الوقت فسهل الغرب يعتبر من المجالات التي تزدهر فيها العديد من الزراعات التي تساهم بشكل كبير في تلبية حاجياتنا من المواد الغذائية ، بل وتصدير جزء كبير من هذا الإنتاج نحو الخارج ، ومن خصوصيات سهل الغرب كونه ينفرد بأنواع عديدة من المزروعات نذكر منها :الفراولة – الأرز- قصب السكر ….
التنمية الترابية : مفاهيم متعددة والهدف واحد
نظرا لأهمية التنمية الترابية في بناء وتطوير اقتصاد عدد من الشعوب ، فإنها كانت موضوع دراسات وأبحاث من طرف العديد من المهتمين بهذا الجانب من حيث مفاهيمها على الخصوص ، ومن بين مفاهيم التنمية الترابية نذكر ما يلي :
* التنمية الترابية هي إطار للتشخيص الترابي وتقييم حاجيات المجال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، تحقق أهدافها من خلال التخطيط أفقيا وعموديا (أطروحة الدكتور لحيان . ص 32 )
* التنمية الترابية إطار لتعبئة الفاعلين وبلورة استراتيجيات لتصحيح الإكراهات وتثمين الإمكانات ( ناصر القادري )
* التنمية الترابية هي أيضا مجموعة من الجهود حكوميا وشعبيا عن قصد، وبغرض إحداث نوع من التغيير في حياة الأفراد والجماعات
* كما عرفت التنمية بأنها الجهود الرامية إلى تنمية الإنتاجية، وهي حصيلة التفاعل، كهدف إلى تنمية المجتمعات المحلية، تمزج ما الجوانب الاقتصادية بالجوانب الاجتماعية، دون التركيز على جانب معين. ذلك أن غاية كل مشروع هو تنمية الإنسان والارتقاء بمستواه اقتصاديا واجتماعيا ( أطروحة الدكتور لحيان ص 28) .
* التراث : عدة مفاهيم تعكس غنى الموروث الإنساني على أكثر من مستوى
الحضارة الإنسانية غنية بألوان التراث منها ما يرتبط بالفن والإبداع ومنها ما يتعلق بما خلفته الإنسانية من حضارة تشمل ميدان المعمار وكل ما يتعلق بالإنتاج والإبداع الإنساني. كما يمكن أن يتضمن ألوان أخرى تتجلى في المؤهلات الطبيعية والعديد من المنتجات التي يتميز بها المشهد الطبيعي ، ومن بين هذه التعارف نذكر ما يلي :
* التراث هو مجموعة من الأشياء الفنية والتاريخية والإركيلوجية ، وكل الأشياء التي تطبع المجال فنيا وعلميا ، تاريخيا وحضاريا ( مرجع سابق ص 28)
* التراث كل ما تبقى من الماضي القديم أو كل التراث الثقافي بما فيه المادي وغير المادي ، كالآداب والفنون من شعر ونثر وأشكال فرجوية والمنقول الشفوي والمخطوطات والملابس …( أطروحة الدكتور لحيان ص 42) .
* التراث : مادي – لا مادي
من خلال ميثاق فيينا لسنة 1964 الذي وضع تصنيفا للتراث ، حيث صنفه إلى شقين رئيسيين :
– التراث المادي
– التراث اللامادي
التراث المادي : نعني بها كل الأشياء ذات القيمة بالنظر إلى مرجعيتها التاريخية والثقافية وقيمتها الجمالية والبيئية والثقافية وقيمتها الجمالية والبيئية ( الأطلال – البنايات الشاهقة – المساجد – الزوايا – القصور – القصبات – الأسوار – المدن العتيقة- وتندرج هذه المعالم مجموعة ضمن ما يعرف بالتراث الحضاري ،
التشكيلات الطبيعية البيولوجية ذات قيمة ، وتشمل التراث الغابوي ، النوع الحيواني ، المحميات الرطبة ، الواحات ، الساحل …./ الفولكلور – الأزياء الشعبية واللباس التقليدي المرتبط بالحياة اليومية الذي يرمز الى الخصوصية الثقافية للساكنة المحلية ،
بل هناك من يضيف الى كل هذا :
المشاهد الفلاحية : أي كل ما يعبر عن أشكال الإستغلال ( الطرق اللسائدة في الزراعة ، السقي ، الرعي ….) ، المنتجات الفلاحية ذات الخصوصية المحلية –
التراث اللامادي ويضم
– الحكايات – الأمثال الشعبية التي ترمز إلى أإبداع الفكري
– الأهازيج – الرقص الشعبي – الأغاني الشعبية ..
العادات والتقاليد كالمواسم ومهرجانات الفولكلور .( زهير لحيان ص 45)
التراث المادي بسهل الغرب
تزخر منطقة الغرب بالعديد من المؤهلات الطبيعية تتمثل في جانب كبير منها في فيما تتوفر عليه من مساحات غابوية ومرجات …..ومنها ما يرتبط بعدد من المآثر التاريخية
غابة المعمورة : ثروة طبيعية وتراث طبيعي عريق
– هي أقدم غابة في العالم ، لكنها تعيش تهديدا حقيقيا ، تصنف ضمن التراث الوطني والعالمي ، تمتد على مساحة 133000 هكتار ، تعد أكبر الغابات الفلينية في العالم ( حوالي 15 % من غابة البلوط الفليني في العالم
المرجات : محميات طبيعية باتفاقات دولية
تنتشر بسهل الغرب مجموعة من المرجآت ، تتميز بقيمتها البيولوجية والإيكولوجية من أبرزها المرجة الزرقاء ، مرجة سيدي بوغابة ….. وقد كان سهل الغرب بالنظر الى طبيعته الطبوغرافية ، مجالا تنتشر فيه العديد من المرجآت تم تجفيف جزء منها خلال الفترة الاستعمارية ، والباقي مع بداية الاستقلال والشروع في إنجاز مشروع سبو للري الي يعتبر من أهم وأكبر مشاريع الري في بلادنا . .
– المرجة الزرقاء : هي محمية بيولوجية ذات صيت عالمي . تقع بالجماعة القروية مولاي بوسلهام . مساحتها 11420 هكتار منها 7300 هكتار . أصبحت محمية في سنة 1978 ، وقد صنفت ضمن المحميات العالمية بموجب اتفاقية رام سار سنة 1980 . هذه المرجة تستقبل سنويا ما يقارب 150000 طائر تتوزع على 82 نوعا من الطيور ، منها 16 صنفا ناذرا ومهدد بالانقراض .
محمية سيدي بوغابة
محمية طبيعية منذ سنة 1978 ،صنفت ضمن قائمة ” مسار“ للمناطق الرطبة ذات الأهمية العالمية سنة 1980 . تضم ما يزيد عن 205 نوعا من الطيور ، منها 137 نوعا يتواجد بها بصفة دائمة ، تضم حوالي 210 صنفا من الأشجار والنباتات ، تمتد على مساحة 650 هكتار ، تشكل الضاية منها حوالي 150 هكتار وهي القلب النابض للمحمية
التراث اللامادي : ألوان متعددة ، لكنها لا توظف بالشكل المطلوب
ككل مناطق وجهات المملكة ، تنتشر بسهل الغرب ألوان عديدة من التراث اللامادي بإمكانه أن يساهم في تحقيق التنمية الترابية للمجال الترابي الغرباوي شريطة أن يتم توظيفه بشكل فني . ويعتبر فن ألهيت من أبرز الفنون الشعبية التي تعرف انتشارا واسعا بمنطقة الغرب
رقصة الهيت تبحث عن مبدع
هي رقصة شعبية يؤذيها الرجال والنساء ، في الأعراس والمواسم ، وتعتمد فيها مجموعة من الأدوات الموسيقية : الطبل – المزمار ( الغيطة) – لكوال ( وليس التعريجة ) – البندير – المقص – وترتكز الرقصة على ضرب الأرض بالرجل اليمنى على الخصوص مع تحريك الكتف – رجال متصافون في شكل دائرة ، وقد تؤدى في بعض الأحيان على شكل نصف دائرة إذا كان عدد الراقصين قليلا . وباعتباري من أبناء قبيلة بني أحسن فقد ارتبطت طفولتي بكثير من الفنون الشعبية السائدة بالمنطقة وخاصة ما يتعلق بالهيت واعبيدات الرما واحمادشة وعيساوة الذين كانوا يحيون بعض الحفلات الليلية بدعوة من من بعض العائلات في الدوار . …( من قبيل عائلة لكبيش التي كانت تقيم ما بين الفينة والأخرى ليلة مع عيساوة أو حمادشة ، ( والشيخ حمان ولد العالية والذي كان رحمة الله عليه من أعيان الدوار . وفقد كان يستدعي فرقة عبيدات الرما يوم الأربعاء ليلا ، الليلة التي تسبق اليوم الذي يقام فيه السوق : سوق اخميس الرميلة ، وقد كنا ونحن صغار أن هذه الفرقة كانت تأتي من سيدي عباد ، وتقضي الليل بمنزل الشيخ حمان على أن تذهب صباح يوم الخميس إلى التسوق بسوق اخميس الرميلة الذي لم يكن يبعد عن دوار لبطابطة إلا ببضع مئات من الأمتار ) . لهذا وأنا أقرأ مجموعة من الدراسات والأبحاث حول هذه الفنون تبين لنا أن بعضها تنقصها الدقة تناولها لهذه الرقصة الشعبية من قبيل أن رقصة الهيت تقتصر على الرجل فقط ، واستعمل التعريجة في فن ألهيت …. وفي هذا الإطار أود أن أورد بعض التوضيحات إنطلاقا مما كنت أشاهده في مناسبات عديدة ( حفل زفاف عدد من أبناء الدوار ) ، كانت فيها رقصة الهيت حاضرة
– المرأة والرجل يرقصان معا داخل الدائرة : ويمكن أن أستحضر هنا وأنا ما زلت طفلا مجموعة من نساء الدوار الذي نشأت وترعرعت فيه (دوار البطابطة بدار الكداري) ، حيث كانت مجموعة من السيدات رحمة الله عليهن من أمثال مي الغمرية ، وخالتي فاطنة بنت يسة وخالتي رحمة زوجة خالي اسعيد وغيرهن من نساء الدوار( وهن نساء كنا نعزهم ونقدرهم والدليل على ذلك ان بعضهن كنا ننادي عليهن بأمي كدا ، والأخريات بخالتي كدا ….) ، وقد كن لا يترددن في مشاركة الرجال في أعراس الزواج حيث تكون هذه المناسبة مناسبة يفرح فيها كل سكان الدوار ، وأيضا مناسبة لأهل الدوار وخاصة ما يعرف ب ” المتارف ” لتنظيم رقصة الهيت ، حيث كان الجميع يعيش ويتقاسم مجموعة من الطقوس التي كانت تصاحب تنظيم هذه المناسبات . وقد كانت رقصة الهيت تتميز بإستعمال مجموعة من الأدوات نذكر منها :
إستعمال ” لكوال ” وليس ” التعريجة ” كما ورد في عدد من الأبحاث : ف “لكوال ” أداة موسيقية تختلف عن “التعريجة ” من حيث اللون والحجم ، دلك أن لون” لكوال ” أحمر Rouge brique أما ” التعريجة ” فلونها مزركش آي متعددة الألوان، كما أن ” التعريجة ” صغيرة الحجم بينما ” لكوال ” فهو طويل وكبير الحجم ، يختلف ” لكوال ” أيضا عن “الهراز” الذي يستعمله كل من هداوة واحمادشة ولو أنهما ( لكوال – الهراز ) يتشابهان في اللون . “التعريجة ” هي أداة ملازمة دائما للكمان . هناك أوجه اختلاف أخرى تتعلق بكيفية حمل كل من التعريجة ولكوال وطريقة استعمالهما ، وهي طرق واضحة عند سكان بني احسن والغرب ….
مهرجانات مرتبطة بالنشاط الفلاحي
لقد سبق لنا وأن أشرنا أن هناك من التعاريف من اعتبرت المشاهد الزراعية ، والمنتجات الفلاحية ذات الخصوصية المحلية ، لونا من ألوان التراث المادي . وفي سهل الغرب تنتشر مجموعة من الزراعات ، غير أن بعضها يجعل من السهل أهم منتج لها . ومن بين أهم هذه الزراعات التي تعرف انتشارا واسعا وخاصة في الشريط الساحلي هناك تلوث الأرض أو ما يعرف أيضا بالفراولة تم البطيخ الأحمر او الدلاح . ….. لذلك سعت بعض الفعاليات إلى استثمار هذه المنتجات في إطار بعض المهرجانات من بينها :
المهرجان الوطني للفراولة ( توت الأرض ) : انطلق هذا المهرجان الذي تحتضنه مؤسسة نالسيا ، لأول مرة سنة 2010 . وقد دخل سنته السادسة ( نظمت الدورة الأخيرة أيام 20-21-22-23 ابريل 2016) ، هذا النوع من الفلاحة يشتهر به الشريط الساحلي لسهل الغرب ، ويعتمد هذا المنتوج على تقنيات حديثة في الإنتاج جعلت من المغرب ثالث منتج على الصعيد العالمي بعد الولايات المتحدة الأمريكية واسبانيا . كما تسهر نفس المؤسسة على تنظيم موسم الدلاح الذي يقام بمنطقة الدلالحة بالقرب من مولاي بوسلهام

مواقع تاريخية تعكس ما عاشه السهل من حضارة
* موقع بناصا : الذي يقع بالقرب من مشرع بلقصيري على بعد مساحة سبع كلم ، يعتبر أحد المستوطنات الرومانية التي أقامها الأمبراطور الروماني أوكنافيوس . وقد ارتبط أسم هذه المدينة بضريح سيدي علي بوجنون ( سعيد البوزيدي ص 11)
* موقع تامو سيدا العسكري : يكتسي هذا الموقع بدوره أهمية تاريخية وعسكرية خصوصا من خلال طابعه العسكري . انطلق في البداية كتجمع صغير ، تم ما لبت أن تحول إلى مدينة بكل المواصفات الحضرية , تؤكد بعض الحفريات التي أجريت في عين المكان ، أن تاريخ الاستقرار بهذا المجال يمكن أن يعود إلى القرن السادس قبل الميلاد ( سعيد البوزيدي ص 12) .
*قصبة المهدية : موقع تاريخي يعود الاستيطان به إلى القرن الخامس قبل الميلاد من طرف القرطاجنيين الذين أسسوا بالمنطقة مدينة تعرف باسم – تيمياتيربا – . وابتداء من القرن الرابع عشر شهد الموقع ازدهارا وشهرة مما جعله يظهر تحت أسم – المعمورة- ( ص 211 – أحمد صالح ألطاهري-) . وقد كانت خلال العصر الحديث مسرحا للصراع ما ربين القوى الإستعمارية وخاصة الإسبانية والبرتغالية ، إلى أن تم تحريرها من طرف السلطان المولى اسماعيل في ابريل 1681 ، بعد أن ظلت تحت الاحتلال الإسباني مدة 67 سنة . وقد حضر المولى اسماعيل شخصيا إلى عين المكان حيث خر ساجدا حمدا لله وشكرا على نعمه . ” ويطلق على المعمورة اسم المهدية ” ربما تيمنا بهداية دائمة ( محمد سعيد سوسان ، المهدية ص 34 ) . وقد اكتست المهدية اهتماما متزايدا إبان الحرب العالمية الثانية بعدما اختارها الأمريكان أواخر 1942 كقاعدة لإنزال قواتها .
* هناك مواقع أثرية أخرى تزخر بها منطقة الغرب من قبيل موقع ريغة Rhira الأثري وكذا موقع أحد كورت العسكري ومدينة البصرة ……، كلها مواقع تعكس أن السهل شهد عدة حضارات ، غير أن هذه المواقع لا يتم تثمينها فيما هو تنموي ، بل أن بعضها يتعرض الآن الى الكثير من الإهمال
سهل الغرب : موروث تاريخي غزير لا يستثمر بالشكل المطلوب
في الكثير من جهات المملكة أصبح الموروث التاريخي والثقافي والطبيعي ركيزة أساسية في بناء الاقتصاد الوطني والتأهيل الترابي سواء كان محليا او جهويا .وفي هذا الإطار يمكن أن نشير إلى بعض التجارب الناجعة والتي جعلت من بعض ألوان تراثنا ، تعطي لبعض المناطق إشعاعا لا يقتصر على المستوى الوطني ، بل امتد واتسع إلى ما هو دولي . ويمكن أن نذكر في هذا الصدد :
موسم الخطوبة ” املشيل” : الذي يخلد أسطورة رومانسية لشاب أغرم بفتاة من قبيلة غير قبيلته ، لكنه وجد صعوبة في الظفر بعشيقته بسبب علاقة غير ودية بين قبيلته وقبيلة حبيبته . مما دفع العشيقين كما تروي الأسطورة ، إلى يذرفان الكثير من الدموع التي كونت بحيرتين تدعيان اليوم ” إسلي ” و ” تيسليت ” . وقد سعت مجموعة من الفعاليات المهتمة بالمجال الثقافي والتنموي من أجل الحفاظ على هذا الموروث الثقافي إلى أن تجعل منه موسما سنويا داع صيته عبر العديد من بلدان العالم ، إذ أصبح ” موسم الخطوبة املشيل ” قبلة للعديد من الزوار والمتهمين بقضايا التراث .
مهرجان كناوة : الذي تحتضنه سنويا مدينة الصويرة . وهو أيضا من التظاهرات الثقافية التي أخذت بعدا دوليا ، جعل من مدينة الصويرة مركز استقطاب للعديد من السياح من كل قارات العالم ، وخاصة خلال الفترة التي تعرف فيها تنظيم هذا المهرجان ، حيث يحيي عدد من كبار الفنانين والمغنيين العالميين سهرات موسيقية من فن كناوة ، تنقلها العديد من القنوات التلفزيونية العالمية ، وتقوم بتغطيتها العديد من وسائل الإعلام الوطنية والدولية ،
كل هذه التظاهرات تجعل من بلادنا موضوع تغطية إعلامية على الصعيد الدولي ، وهذا لا يمكن إلا أن يساهم في تحسين وتلميع صورة بلادنا في مختلف قارات العالم ، مما ينعكس إيجابا على اقتصادنا الوطني وعلى تنمية المناطق التي تحتضن مثل هذه التظاهرات .
سهل الغرب : مبادرات ما زالت لم ترق بعد بالتراث الغرباوي ألحسناوي :
يعرف سهل الغرب بدوره تنظيم بعض التظاهرات والتي تتعلق أساسا برقصة الهيت التي تعتبر من بين أهم ألوان التراث التي تنتشر في هذه المنطقة . ومن أبرز هذه التظاهرات ما تشهده كل مدينة سيدي اسليمان وأحد كورت :
المهرجان الوطني لفن للهيت سيدي اسليمان انطلق في 2004 بمبادرة من وزارة الثقافة ، تم أعيد تنظيمه سنة 2005 ، وقد نظمت دورته الثالثة ما بين 26-28 مايو 2015 يقام بشراكة ما بين عمالة سيدي اسليمان ومجلس جهة غ ش ح والمجلس الإقليمي والمجلس البلدي .. غير أننا ومن خلال رصد حصيلة هذه المبادرة ، فإنه خلال أثنى عشر سنة نظم هذه التظاهرة ثلاث مرات فقط ، مما يعني أنها تعرف تعترا واضحا في تنظيمها
أما بالنسبة لمهرجان أحد كورث : فقد انطلق لأول مرة سنة 2003 ، وهو الآن في نسخته 12 ،و ينظم سنويا خلال الأسبوع الأخير من شهر ابريل .

خاتمة
غير أن هذه المبادرات في سيدي اسليمان أو أحدكورت ، تبقى جد محدودة ولا تعطي الإشعاع المطلوب على غرار عدد من التظاهرات الوطنية من قبيل موسم الخطوبة في املشيل ، مهرجان اكناوة في الصويرة ، موسم حب الملوك في صفر، موسم التفاح بميدلت ……على اعتبار أن هذه المبادرات تحتاج إلى مبدعين ومهتمين بهذا التراث من أجل البحث في مقومات هذا الثراث ، ودراسته من كل جوانبه سواء على مستوى الإيقاع أو الحركات …. وتقديم الحلول الكفيلة بتطويره في إطار فني جميل . بمعنى آخر أن هذه المبادرات ، لا توظف في إطار رؤيا واضحة ودقيقة ، وعندما نقول رؤيا ، فإن ذلك يستوجب أن يسهر على إعدادها وبلورتها كل المعنيين بالمجال الثقافي والإبداع الفني وكل الفنون التي لها علاقة بالتراث ، كل هذا من أجل أن تقدم لنا هذه الرؤيا تصورا لكيفية استثمار هذا الموروث في تنمية المجال ، في إطار فني يقوم على الإبداع والابتكار الذي يحافظ على أصالة الموروث التاريخي والحضاري والشعبي للمنطقة
كما أن نجاح مثل هذه المبادرات يجب أن يتم بعيدا عن استغلال التراث لأغراض انتخابوية أو كشعار في التظاهرات الثقافية المنظمة محليا ، بل يجب البحث والتفكير في كل ما من شأنه أن يساعد على تحويل هذا التراث سواء كان مواقع تاريخية أو مجالا طبيعيا او موروثا فنيا ، إلى أقطاب للتأهيل الترابي . وبالتالي تحقيق التنمية التي تحتاجها المنطقة .

المراجع
* موسى فقير : الأشكال الفر جوية وتجليات الحركة المسرحية بمنطقة الغرب ، دراسة سوسيولوجية : أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الآداب . جامعة ابن طفيل ، كلية الآداب والعلوم الإنسانية القنيطرة السنة الجامعية 2012-2013
* زهير لحيان : اقتصاد التراث والتنمية الترابية : حالة إقليم القنيطرة ( واقع الحال وآفاق التنمية ) .. أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في إعداد المجال والتنمية الترابية ، جامعة ابن طفيل كلية الآداب والعلوم الإنسانية القنيطرة ، السنة الجامعية 2012-2013
* بوشتى الخزان تثمين الموارد الترابية والتنمية المحلية بفأس الكبرى : مجلة المجال الجغرافي والمجتمع المغربي ، العدد 13/2011 مجلة نصف شهرية ، عدد خاص بالتنمية الترابية بالمغرب : الرهانات ، الإستراتيجيات والفاعلون
* عيسى البوزيدي : المواقع الأثرية والتاريخية بمنطقة الغرب – رصد وتعريف وتوظيف : سلسلة المحاضرات 8/16 – جامعة ابن طفيل ، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، شعبة التاريخ – الفصل الخامس – السنة الجامعية 2015-2016
* سعيد علوش : الأدب الشعبي في منطقة الغرب : نموذج اعبيدات الرماية : منطقة الغرب ، المجال والإنسان ، أشغال الندوة العالمية التي نظمتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية أيام 22-23-24 أكتوبر 1991 . منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقنيطرة ، سلسلة ندوات ومناظرات رقم 3 ( 152) .
* احمد صالح ألطاهري : المعمورة والمهدية : ملاحظات تاريخية وأثرية : ، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، جامعة ابن طفيل القنيطرة .. قصبة المهدية : تراث ، ومؤهلات : أشغال الندوة الوطنية أيام 22-23 ابريل 2003 -، سلسلة ندوات ومناظرات رقم 6 سلسلة ندوات ومناظرات رقم 6
* محمد سعيد سوسان ،(2007) ،قصبة المهدية ، مطبعة البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع ، القنيطرة

محمية سيدي بوغابة قرب شاطئ المهدية , تراث طبيعي يقتضي حمايته

المرجة الزرقاء بمولاي بوسلهام محمية طبيعية ، محطة عبور لأنواع من الطيور الناذرة ، بعضها مهدد بالانقراض.

الهيت, من أبرز الرقصات الشعبية التي تعرف بها قبائل بني احسن و الغرب