صرخة المنتدى المغربي لحقوق الإنسان : حينما تتخلى الدولة عن “مقدمة ابن خلدون” ،من أجل الاهتمام “بمؤخرة البرلماني”

صرخة المنتدى المغربي لحقوق الإنسان : حينما تتخلى الدولة عن “مقدمة ابن خلدون” ،من أجل الاهتمام “بمؤخرة البرلماني”

التنسيقية الإقليمية :

المنسق الإقليمي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان بالجديدة

                                                                                   ذ.محمدأنين

 

 

                                               الجديدة في : فاتح دجنبر 2016

إذا كان المنتظم الدولي ،على اختلاف إيديولوجياته الفكرية ،يعتبر قطاعاتٍ من قبيل “التعليم” و”الصحة” و”السكن” ،قطاعات اجتماعية لا يمكن للدولة ـ بأي حال من الأحوال ـ أن تتخلى عنها ؛

وإذا كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948ـ والذي سيحتفل الكوكب الأزرق في العاشر من هذا الشهر بالذكر68 لصدوره ـ قد أكد  في الفقرة الثانية من المادة 26 منه على أن : ” لكل شخص الحق في التعلم، ويجب أن يكون التعليم في مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان، وأن يكون التعليم الأولي إلزامياً وينبغي أن يعمم التعليم الفني والمهني، وأن ييسر القبول للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة ” ؛

وإذا كان العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية  الصادر في 16 دجنبر1966 ،ينص في الفقرة الثانية من  المادة 13 منه  قائلا : “وتقر الدول الأطراف في هذا العهد بأن ضمان الممارسة التامة لهذا الحق  ـ أي حق الفرد في التربية والتعليم ـ يتطلب:

أ ـ  جعل التعليم الابتدائي إلزاميا وإتاحته مجانا للجميع ،

ب ـ  تعميم التعليم الثانوي بمختلف أنواعه، بما في ذلك التعليم الثانوي التقني والمهني، وجعله متاحا للجميع بكافة الوسائل المناسبة  ولا سيما بالأخذ تدريجيا بمجانية التعليم،

ج ـ  جعل التعليم العالي متاحا للجميع على قدم المساواة، تبعا للكفاءة، بكافة الوسائل المناسبة ولا سيما بالأخذ تدريجيا بمجانية التعليم…”؛

وإذا كان الحق في التعليم ،وفق تعريف لجنة الأمم المتحدة المَعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المكلفة برصد تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الدول الأطراف فيه، حسب التعليق العام رقم 13 هو “حق من حقوق الإنسان في حد ذاته، وهو في نفس الوقت وسيلة لا غنى عنها لإعمال حقوق الإنسان الأخرى. والتعليم، بوصفه حقاً تمكينياً، هو الأداة الرئيسية التي يمكن بها للكبار والأطفال المهمَّشين اقتصادياً واجتماعياً أن ينهضوا بأنفسهم من الفقر ،وأن يحصلوا على وسيلة المشاركة كلياً في مجتمعاتهم. وللتعليم دور حيوي في تمكين المرأة، وحماية الأطفال من العمل الاستغلالي الذي ينطوي على مخاطر، وكذلك من الاستغلال الجنسي، وفي تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية، وحماية البيئة، ومراقبة نمو السكان. ويُعترف بالتعليم بشكل متزايد بوصفه واحداً من أفضل الاستثمارات المالية التي يمكن للدول أن تجريها. ولكن أهمية التعليم ليست أهمية عملية وحسب، فالعقل المثقف والمستنير والنشط القادر على أن يتمتع بحرية وإلى أبعد الحدود ،هو عقل ينعم بمسرّات الوجود الإنساني ومكافآته” .  ؛

فإذا كان…وإذا كان …وإذا كان …فإن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ببلادنا ـ وهو الذي يستنزف سنويا ،بل وفي كل اجتماع يعقده ،حتى وإن تعلق الأمر باحتساء ما لذ من المشروبات والتلذذ بما طاب من المأكولات ،مبالغ ضخمة من الضرائب التي تُمتص امتصاصا من هذا الشعب المسكين ،المثير للشفقة ـ فقد صادق “بلا حيا ولا حشمة” على مشروع الرأي الذي كان قد تقدم به رئيس الحكومة المعين ،خلال ولايته المنتهية بشأن القانون/الإطار للمنظومة التربوية ،والمتعلق بإلغاء مجانية التعليم في السلكين العالي والثانوي

وحقيقية الأمر أن تعليمنا العمومي ،ما كان في يوم من الأيام مجانيا ،بديل رسوم التسجيل وواجب الانخراط في جمعية الآباء والتأمين  … إلخ .

وكل ما في الأمر ،أن تعليمنا العمومي قد كان في الزمن الجميل ،أقل تكلفة بالنسبة للأسرة المغربية ،وذا جودة عالية ومصداقية لا يُشَك فيها قيد أنملة …

تعليمنا في ذلك الزمن  ـ الذي نتحسر عليه بمرارة كبرى ـ كان مقترنا بالتربية ،ومدعوما بإعلام سمعي وبصري مسؤول ،ومحاطا بأسر بسيطة طيبة وطاهرة ،وممزوج بتلك الغيرة الوطنية الصادقة ،التي صنعت لنا نساء ورجال في جميع الميادين وفي شتى المجالات الفكرية والعلمية والسياسية والاقتصادية والرياضية … نساء ورجال قد لا ولن تجب هذه الأرض مثلهم !

تعليمنا العمومي ،الذي تغرورق عيوننا بالدموع كلما استحضرنا ذكرياته … هو تعليم  نساء ورجال وطنيين شرفاء من طينة المرحوم أحمد بوكماخ ،ومقرره الأسطورة “اقرأ” …وهو كذلك تعليم نساء ورجال أجانب ،كان همهم كونيا : “الدفاع عن حق الإنسان في التربية والتعليم ” ،نستحضر منهم اللحظة كلا من الأساتذة الكرام          J. LEVERT  و H. TRANCHART   و Mme A. ROGNONI  مؤلفي  المقرر الرائع      ” BIEN LIRE ET COMPRENDRE “  … تعليمنا العمومي ،كانت تصاحبه برامج تعليمية وتثقيفية،من قبيل “التلفزة المدرسية” …

أما تعليمهم اليوم ،فقد أضحى يتيما بانفصال التربية عنه ،ليجمع من العلل والأمراض والأسقام والتفاقمات والتناقضات وضبابية الرؤى، ما يؤهله لأن يكون بالفعل أقل قيمة من “المراحيض المحترمة !” للسادة “البرلمانيات والبرلمانيين المحترمين !” تحت “القبة المحترمة !“.

تعليمهم اليوم :اكتظاظ لا مسبوق تجاوز في بعض المدارس 80 تلميذة وتلميذ في الفصل الواحد ،وتجهيزات لا تفي بالحد الأدنى لتمدرس كريم ،وبنايات متهالكة وأسقف آيلة للسقوط ،ومؤسسات تعليمية بدون مكاتب إدارية ،وأخرى بدون مرافق صحية ،وداخليات بأسرة مهترئة ،ومطاعم خارج المواصفات الصحية ،وقرارات ارتجالية ومزاجية بإعادة الانتشار ،وتوقيف قصري ـ في بعض الجهات ـ لصرف مستحقات طباخات/كادحات ينتظرن مند مدة “قطعة خبز” سوداء( 0,10 سنتيم/إعداد وجبة غذاء واحدة ) ،واعتكاف لمسؤولين داخل مكاتب مكيفة ،تفعيلا  ـ حسب فهمهم الضيق ـ لسياسة القرب … و ملايير الدراهم تهذر هنا وهناك وربما هنالك  ـ بدون حسيب ولا رقيب ـ من أجل برامج وطنية تخريبية ،يحاول أصحابها أن يوهموننا بأنها “إصلاح !” …وحرمان أساتذة متكونين من الالتحاق بالوظيفة العمومية ،والعمل على تشغيل ـ في إطار المناولة ـ “لأشباه” أساتذة لا تكوين ميداني ولا نظري لهم ،وذلك عن طريق  ما يسمى “العقدة Contrat“…

تعليمهم اليوم،حبوب مهلوسة تباع أمام أبواب المؤسسات “وبالعلالي ! “،و”كالات” تشوه أسقف فصول الدراسة ،وتهجم على الأساتذة بالضرب والجرح والسب والقذف داخل أسوار المؤسسات التعليمية ،وخارجها “وعلى عينيك آ بن عدي” … والطامة الكبرى أعضاء بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ،لا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد بالمنظومة التعليمية ،ومع ذلك فهم يستنزفون ميزانية الدولة ـ وليت الأمر يقف عند هذا الحد  ـ بل يتخذوا قرارات مصيرية تحكم مستقبل البلاد والعباد …قرارت  بمثابة “صلاة جنازة على الغائب !” ،بعد دق آخر مسمار في نعش التعليم العمومي ببلادنا .

يحاولون الاستخفاف بعقول المغاربة ،وهم يغدقون العطاء : مليار و400 مليون في صفقة إصلاح وتشييد 120 مرحاضا ،على حساب ميزانية الدولة … على حساب دافعي الضرائب المباشرة أو غير المباشرة ،ومن أجل “المؤخرات المحترمة !،” للسادة “البرلمانيات والبرلمانيين المحترمين !” تحت “القبة المحترمة !” .

تعليمهم اليوم ،يا من يفكرون بمؤخرتهم وفي مؤخرتهم ،أصبح قابعا في مؤخرة الترتيب على المستوى العربي ،والذي يقبع بدوره في مراتب جد متدنية على المستوى العالمي .

والحالة هته ،وأمام هذا الوضع المأساوي بامتياز ،فإن المنتدى المغربي لحقوق الإنسان بالجديدة ،وهو يتابع  ـ بعين غير راضية ،بل و ساخطة  ،على ما حيك وما يحاك ضد “المدرسة العمومية” من دسائس ومكائد وإقبار، يقف مصدوما ومستغربا ومذهولا ،و”المدرسة العمومية “تغتصب وتذبح بدم بارد أمام الجميع ،

ـ يطلقها صيحة مدوية ،في وجه الصمت الرهيب …صمت المقابر ـ الذي تعيشه الأحزاب السياسية والنقابات و”الهيئات شبه حقوقية” ـ والتي دأبنا على تسميتها ب” 31.08 ” ،وجمعيات المجتمع المدني ،والتي لا وجود لها إلا على الأوراق ،وكل المتشدقين  بحب الوطن والمصلحة العليا للبلاد ـ ليقول لكل “رويبضات المغرب” ،عبارة واحدة : “خذوا العبرة من التجربة التركية ،على الأقل في مجال التعليم، وسترون كيف أن النتائج الإيجابية ستفيض بسخاء وكرم على بلادنا ،في كل المجالات …وبالمقابل سنوفر ميزانيات ضخمة ،وبملايير الدراهم ،ينهبها مؤسسات عديدة من بينها ،المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي …مجلس بلا علو ولا تربية ولا تكوين ولا بحث علمي !

وفي انتظارأن يفعل هذا الاقتراح ،تقول لكم التنسيقية الإقليمية للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان بالجديدة:”تصبحون على وطن !

                                                                                      3ا

.