عمالة إقليم الجديدة تتفاعل مع ملف فندق فرنسا. أو الشـــبري في بوح دفين

عمالة إقليم الجديدة تتفاعل مع ملف فندق فرنسا. أو الشـــبري في بوح دفين

ee

بقلم أبوالقاسم الشـــبري

رغم الانتقادات والمؤاخذات التي قد نسجلها عليها هنا وهناك بين الفينة والأخرى، ورغم علاقات الشد والجدب التي تجمعنا أحيانا بسبب تدخل أعداء النجاح، يجب الإقرار من باب الاعتراف وإعطاء لكل ذي حق حقه أن عمالة إقليم الجديدة هذه المرة تفاعلت بشكل إيجابي مع ما صار يعرف بملف فندق فرنسا. ولو أن ذلك التفاعل مازال في الحقيقة لم يصل بسفينتنا إلى شاطئ سالم وسليم.

رغم اختلاف في المقاربة وربما حتى في النتيجة المرجوة، فقد واكبَت عمالة الجديدة معنا في مركز دراسات وأبحاث التراث المغربي البرتغالي ملف المجمع الفندقي التاريخي (فنادق فرنسا والمغرب والميناء) منذ اندلاع الأزمة في يوليوز 2012. وإذا كان قد بدا أن السلطات المحلية في بداية الأمر آنذاك كانت تميل بشكل شبه كلي إلى تبني طرح أصحاب المشروع، وهو طرح مفلس على جميع المستويات تصدت له كل القوى الحية بالجديدة، فإن هذه السلطات ستعود رويدا رويدا لتتبنى بشكل من الأشكال الطرح الذي دافعنا عنه ومازلنا والقاضي بضرورة المحافظة على هذه المعالم التراثية دون عرقلة المشروع الاستثماري. ولذلك لم يتم هدم هذه المعالم كما كان مقدرا لها بداية، ولو أن أصحاب المشروع قاموا مؤخرا خلسة ودون أي ترخيص بهدم السقوف وبعض أجزاء الأسوار الداخلية. وهم بفعلتهم الشنيعة هذه وضعوا السلطات المحلية والمجلس الجماعي للجديدة في ورطة وفي إحراج يجعلنا نرق لحالهم ونشفق على وضعهم الذي صاروا فيه بين مطرقة تطبيق القانون وسندان الوضع السياسي والاجتماعي لأصحاب المشروع. وقد تهاونوا.

ومباشرة بعد هذه الأفعال غير المرخص بها والتي تتم في خرق سافر للقانون، وجهنا في العشر الأخيرة من شتنبر مراسلات إلى رئيس الجماعة الحضرية للجديدة وعامل الإقليم. وإذا كان رئيس المجلس لم يتفضل علينا كإدارة عمومية بأي جواب رغم رسالتنا التذكيرية في الموضوع، فإن عامل الجديدة تفاعل فورا مع رسالتنا إليه (مؤرخة في 27-9-2016) وبذلك تمت دعوتي في عز الحملة الانتخابية التشريعية إلى لقاء خاص مع السيد الكاتب العام للعمالة وتحدثنا طويلا رغم أن انشغالاته الجسيمة في مثل تلك الظروف التي نعرف جميعنا ثقلها كانت تخوله عدم دعوتي إلا بعد نهاية المسلسل الانتخابي، أي بعد 07 أكتوبر. وقد سجلنا بإيجاب هذه البادرة الطيبة ودبجناها في تقريرنا إلى الإدارة المركزية لوزارة الثقافة.

لمرة ثانية سيستقبلني الكاتب العام للعمالة فور عودتي قبل متم أكتوبر 2016 من ندوة كانت قد قادتني إلى تافيلالت (سجلماسة والتجارة العابرة للصحراء) فطلبت هاتفيا موعدا وحللت بمقر العمالة ولم أنتظر سوى أقل من عشرين دقيقة، لأن الكاتب العام كان في اجتماع رسمي بمكتبه فاستقبلني على الفور ودار بيننا حديث ودي وجدي وجاد ومسؤول وقد استجاب فيه سيادته إلى كل طروحاتنا، التقنية والقانونية، واعدا بإجراء ما يلزم من اتصالات لإرجاع سكة القانون إلى طريقها. وقد ضمنتُ هذه الأمور، بحيثياتها وجزئياتها في تقرير رسمي رفعته إلى السيد مدير التراث الثقافي بوزارة الثقافة. ولابد من الإشارة إلى أن مراسلاتنا في موضوع رفض هدم فنادق فرنسا والتنديد بالأشغال غير المرخصة قد بعثنا بها أيضا إلى باشا المدينة (وكأن به صمم) ومدير الوكالة الحضرية بالجديدة ورئيس هيأة المهندسين المعماريين بالجديدة. ولم نتلق أي جواب على هذا السيل من الرسائل التي وجهناها إلى جمهرة المسؤولين بالجديدة، من منتخبين وسلطات وإدارات عمومية، باستثناء ما قلنا عن لقاءاتنا مع الكاتب العام للعمالة. ومن خلال هذه المعطيات أعلاه، وجب استخلاص ما يلي :

  • إصرارنا على العمل بكل شفافية وبشكل تشاركي وتشاوري مع كل الفرقاء المعنيين بموضوع هذا المجمع الفندقي فندق فرنسا،
  • التغير الإيجابي في تعامل السلطات المحلية معنا في مركز دراسات وأبحاث التراث المغربي البرتغالي، ومعي شخصيا، أنا عبد ربه مختط هذه السطور ومدير ذاك المركز. ومن جانبنا، لم نملإ الدنيا صخبا، من باب رد الجميل ونظرا للاحترام الذي نكنه لشخص العامل وشخص رئيس المجلس (الاستقلالي) وأعضاء مكتبه (العدالة والتنمية). سكوتنا هذه المرة مرده أيضا إلى النقاش الجاد والمسؤول الذي دار بخيمة المجلس الإقليمي بموسم مولاي عبدالله أمغار بيني وبين رئيس جماعة الجديدة وبعض أعضاء المجلس ووجهاء آخرين بحضور صاحب المشروع، وقد حصل اتفاق جماعي كان إيجابيا وشفافا قبل أن يخونه صاحب المشروع بإقدامه على هدم سقوف الفندق دون ترخيص,
  • التفاعل الإيجابي للسلطات المحلية لم يتبعه لحد الآن ردع واضح وقانوني لهؤلاء الذين خرقوا القانون بشكل سافر، ولم يتمخض عنه تشكيل اللجنة التقنية والأمنية التي طالبنا بها،

سيستغرب الكثيرون لهذه الشهادة الإيجابية في حق السلطات المحلية، وسيمتعض أعداء النجاح وهم الذين يصابون بالسعار والحكة والجربة وقرحة المعدة كلما رأوا هناك تقارب ما يحدث بين أبوالقاسم الشــبري ومعاد الجامعي. هم يوجدون داخل أروقة عمالة الجديدة ومنهم من هو خارج العمالة ومحسوب على فعاليات الثقافة والمجتمع المدني وحتى الإعلام أحيانا. هؤلاء الذين يكدون ويجتهدون في شيطنة الشــبري في أعين عامل الجديدة بدل الانصراف إلى العمل الجاد، تعرفهم مدينة الجديدة، وأنا أعرفهم ولن أصرح بأسمائهم كي لا أريحهم، فعدم التصريح بأسماءهم سيجعلهم في عذاب دائم، أطال الله في عمرهم وهم في مرض عضال.

لكن على الجميع أن يعلم أن التقدير الذي أكنه لكل السادة العمال، وخاصة للسيد معاد الجامعي (لأنه ربما أكثر حضورا في الساحة الثقافية من جهة ولأنه أكثر من جمعني معه التشنج بين سابقيه بسبب وَسْوَسة أعداء النجاح)، كل هذا لا يغير في شيء من مواقفي اليسارية التي أعيش عليها منذ سبعينات القرن العشرين وسأحملها معي إلى قبري. هي في الحقيقة مبادئ يسارية ثورية أحاول تلجيمها لكنها تغلبني ولذلك فهي ستصاحبني غدا ونحن بين يدي الباري يوم القيامة. ففي الآخرة سأسطف في صف الثوار. وكوني أعيش وسأموت على هذه المبادئ، فأنا في نفس الوقت مَلَكي حتى النخاع، لأن إيماني بالمَلَكية في المغرب ليس من باب الخوف والتملق والتزلف، وإنما من باب معرفتي الدقيقة بتاريخ وطني.

ولأني أحمل جراح سنوات الجمر والرصاص، فإن آخر همي في الحياة هو تجميل صورتي لدى السلطات المغربية. ولذلك أيضا لن أتخلى عن فندق فرنسا، حيث مهما دفعت من ثمن بالتصدي للوبيات القتالة فلن يكون بقيمة ما دفعته زمن القمع المبرح. وكل هذا لا يمنعني من شكر كل ذي فضل وطيب وكرم. فقد رباني أبي وجدي وأمي على مكارم الأخلاق والشهامة، والصدق والثبات على المبدإ، ولو بقطيع الراس. ولكل هذا يراني البعض ربما عصيا على الفهم، ولن يفهم أحد كيف لي بهذه المبادئ اليساري والحداثية أن تربطني علاقات أكثر من طيبة مع أعضاء العدالة والتنمية بالمجلس الجماعي، وخارج المجلس حتى.

أنا يا سادة أحبكم لذاتكم لا لمناصبكم أو جاهكم. شكرا لتفهمكم.

انتظرونا قريبا في معلومات أخرى حول ملف فندق فرنسا

حرر بالجديدة في 30 -10 – 2016